الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن قال : كل عبد أشتريه أو أملكه فهو حر أو جارية أو سمى قبيلة أو بلدا أو ضرب أجلا

                                                                                                                                                                                        اليمين بالعتق على ثلاثة أوجه : على ما استأنف ملكه ، وعلى ما هو مملوك ، ومختلف فيه هل يحمل على الماضي أو على المستقبل؟ فإن قال : كل عبد أشتريه كان على ما يستحدث ولم يدخل في ذلك ما هو مملوك ، وإن قال : أملكه في ما أستقبل أو إلى أجل كذا أو أبدا ، فكذلك لا شيء عليه في ما هو في ملكه ، والحكم فيه كالحكم في قوله : أشتري . وأسقط سحنون من مسألة المدونة : إن دخلت الدار الأبد من قوله أملكه وأثبته في دخول الدار وهو الصحيح ; لأن قول الحالف أبدا يخلصه للاستقبال ، وإن قال : كل عبد عندي أو في ملكي أو ملكته كان على ما هو في ملكه ولم يدخل فيه ما يملكه في المستقبل .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قال : أملك مطلقا ولم يقيده ، فيقول أبدا أو إلى أجل ، هل يحمل على الماضي أو المستقبل؟ . [ ص: 3719 ]

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في المدونة : إذا قال كل عبد أملكه حر أو جارية أشتريها فهي حرة ، فلا شيء عليه; لأنه عم الغلمان والجواري ، فساوى بين قوله أملك وأشتري ، والمعروف من المذهب أن ذلك لما هو مملوك ، وهو الذي يريد الناس اليوم ، ولولا العادة لرأيت أن يسأل هل أراد ما هو في ملكه أو ما يملكه؟ لأنه يحسن لهما جميعا; لأن أملك وإن كان لفظها لفظ الاستقبال فإنه يحسن أن يراد به الماضي أو الحال إلا أن يكون لا عبيد عنه أو سمى صنفا ليس في ملكه ، فيعلم أن المراد به الاستقبال .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في المدونة فيمن قال : إن كلمت فلانا فكل مملوك أملكه من الصقالبة ، فهو حر ، فذلك عليه فيما يملك بعد يمينه ، قال : وإن اشترى بعد يمينه وقبل حنثه لزمه إلا أن يريد ما يملكه بعد حنثه . وهذا نحو قوله في المسألة التي قبل إنه حمل قوله : أملك على ما يستقبل ، ولا يحسن على هذا اليوم إلا أن يكون له عبد من الصقالبة وجعل الحنث فيمن يملك بعد انعقاد اليمين .

                                                                                                                                                                                        وقال في العتبية فيمن قال : إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها بمصر طالق ، فتزوج ثم كلمه ، فلا شيء عليه في التي تزوج ، وإنما يلزمه الحنث [ ص: 3720 ] فيما تزوج بعد كلامه . فجعل الفاء في المدونة للشرط ، وفي القول الآخر للتعقيب ، وهي بالشرط أشبه لأنه لو قال : كل امرأة أتزوجها بمصر طالق إن كلمت فلانا كان بمنزلة من ابتدأ فقال : إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها بمصر طالق .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية