فصل [في ترتيب منازلهم إذا اجتمع رجال ونساء]
وإن وأما الأب فتبدى عليه أم ذلك الولد وجدته لأمه قولا واحدا. اجتمع رجال ونساء، فإن لم يكن في الرجال أب بدئ بالنساء من كن، ولا مدخل للرجال إلا بعد عدمهن،
واختلف فيما سواهما على أربعة أقوال: فقال في كتاب مالك محمد: هو متقدم على الخالة، ولم يقدم عليه إلا الأم والجدة للأم، وجعله في المدونة مقدما على الأخت إلى من بعدها، ولم ير في كتاب مدخلا إلا بعد [ ص: 2562 ] عدم جميع النساء. ابن حبيب
وقال في كتاب المدنيين: تبدى عليه الخالة، ويبدى هو على أمه. ابن القاسم
والأصل في تبدئة الأم على الأب "أنت أحق به ما لم تنكحي". قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للتي سألته قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، فزعم أبوه أنه أحق به مني، فقال لها:
ونهيه - صلى الله عليه وسلم - عن وليس ذلك للأب، فدل ذلك على قوة سببها فيه على الأب في حال الصغر، ولأن المبتغى حينئذ حفظ الولد وصيانته والرفق به، ولا يختلف أن الأم أقوى على ذلك من الأب. التفرقة بين الأم وولدها في البيع،
وأما الخالة فالأصل في تبديتها حسب ما تقدم بنت حمزة: "تنازع حضانتها علي بن أبي طالب، وجعفر، - رضي الله عنهم -، فقال وزيد بن حارثة أنا آخذها وهي بنت عمي. وقال علي: جعفر: بنت عمي وخالتها عندي. وقال بنت أخي. فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخالتها، وقال: "الخالة بمنزلة الأم"، وقال زيد بن حارثة: "أنت مني وأنا منك". وقال لعلي. لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي". وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا". أخرجه حديث [ ص: 2563 ] البخاري.
وأما الأب وغيره؛ فلأن المعهود من القيام بالأطفال في التربية وسياستهم إلى النساء، لما جبلن عليه من ذلك، ولهن من الصبر والابتذال فيما يحتاجون إليه ما ليس للرجال، ولأنه لا يخلو الأب أن يكون عزبا أو ذا زوجة، فإن كان عزبا كان الولد معه ضائعا; لعجزه عن التربية، وإن تصرف بقي الولد ليس له من يسوسه، وإن كان له أهل فإن المعروف أنه يكله إلى زوجته، ومعلوم من زوجة الأب الجفاء والقسوة لربيبها، فكان الأخت والعمة أولى، إلا أن يكون الأب ممن يلازم المسكن في غالب أمره فيكون أحق ما لم يغب، فإن سافر رد إلى الأخت والعمة، ولم يترك مع زوجة الأب. تقدمة النساء على الرجال