[ ص: 170 ] الإمام مالك يذم التقليد وينهى عنه
والمقصد الثاني: فيما قاله -رضي الله عنه- إمام دار الهجرة، وما ذكره أتباعه، ولنقتصر هنا على ذكر قوله. مالك بن أنس
قال محمد بن محمد بن سنة بسنده إليه: أنه قال: إنما أنا بشر، أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة، فخذوه، وكل ما لم يوافق فاتركوه. وروى مثله عنه أحمد بن مروان المالكي.
قال الفلاني: القرن الثالث كان فيه أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن حنبل.
فإن توفي سنة تسع وسبعين ومئة، وتوفي مالكا سنة ست وخمسين ومئة، وفي هذه السنة ولد أبو حنيفة وولد الشافعي، في سنة أربع وستين ومئة. ابن حنبل
وكانوا على منهاج من مضى، لم يكن في عصرهم مذهب رجل معين يتدارسونه، وعلى قريب منهم كان أتباعهم.
ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم الذين يلونهم" "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، والحديث في "البخاري".
فالعجب من أهل التقليد كيف يقولون: هذا هو الأمر القديم، وعليه أدركنا الشيوخ، وهو إنما حدث بعد مئتي سنة من الهجرة، وبعد فناء القرون التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ليس كلما قال رجل قولا وإن كان له فضل، يتبع عليه; لقوله تعالى: مالك: فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
وقال الباجي: لا أعلم قوة أشد خلافا على من مالك أهل الأندلس; لأن [ ص: 171 ] لا يجيز تقليد الرواة عنه، عند مخالفتهم الأصول، وهم لا يعتمدون غير ذلك. انتهى. مالكا
قال عثمان بن عمر: جاء رجل إلى فسأله عن مسألة، فقال له: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا وكذا. فقال الرجل: أرأيت؟ فقال مالك بن أنس، مالك: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .
وقال لا ينبغي للعالم أن يفتي حتى يراه الناس أهلا لذلك، ويرى هو نفسه أهلا له، يريد: أهليته بالكتاب والسنة. مالك:
قال سمعت ابن وهب: يقول: الزم ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: مالكا
1- كتاب الله. 2- وسنة نبيه". قاله "أمران تركتهما فيكم، لن تضلوا ما تمسكتم بهما ابن القيم
وللعلماء المالكية أقوال كثيرة في وإثبات العمل بالخبر، ذكرها رد التقليد والرأي، الفلاني، ولا نطول بذكرها.
وكتاب "الموطأ" له شاهد عدل على اتباع السنة، ونفي التقليد، وهو كتاب مبارك قديم، وصى بعضهم بالعمل به، وترك ما سواه من الفروع، والقصر عليه.