توحيد الاتحادية
والذي يقال له: الخلق المشبه، وهو الحق المنتزه، والكل من عين واحد بل هو العين الواحد.
فهذه الأنواع الأربعة سماها أهل الباطل: توحيدا.
فاعتصموا بالاسم من إنكار المسلمين عليهم، وقالوا: نحن الموحدون.
وسموا التوحيد الذي بعث الله به رسله: تركيبا، وتجسيما، وتشبيها، وتمثيلا، وجعلوا هذه الألقاب لها سهاما، وسلاحا يقاتلون بها أهله، فتشوا بما عند أهل الحق من الأسماء الصحيحة، وقاتلوهم بالأسماء الباطلة.
وقد ورد في الحديث الصحيح في حجة الوداع عن جابر -رضي الله عنه- مرفوعا: «أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد، وقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
فهذا توحيد الرسول المتضمن لإثبات الصفات الكمالية التي يستحق عليها الحمد، ولإثبات الأفعال التي استحق بها أن يكون نعمة، ولإثبات القدرة، [ ص: 98 ] والمشيئة، والإرادة، والتصرف، والغضب، والرضا، والغنى، والجود الذي هو حقيقة ملكه، وعدم نسبة ذلك إليه هو حقيقة قولهم.
فأي حمد لمن لا يسمع، ولا يبصر، ولا يعلم، ولا يتكلم، ولا يفعله ولا هو في هذا العالم، ولا خارج منه، ولا متصل به، ولا منفصل عنه، ولا فوقه، ولا تحته، ولا من يمينه، ولا من يساره؟!
وأي نعمة لمن لا يقوم به فعل البتة؟ وأي ملك لمن لا وصف له، أو فعل؟ فانظر إلى توحيد الرسل، وتوحيد من خالفهم.
ومن العجب أنهم سموا توحيد الرسل: شركا، وتجسيما، وتشبيها، مع أنه غاية الكمال.
وسموا تعطيلهم، واتحادهم، ونفيهم: توحيدا، وهو غاية النقص.
ونسبوا أتباع الرسل إلى تنقيص الرب، وقد سلبوه كل كمال.
وزعموا أنهم أثبتوا له الكمال، وقد نزهوا عنه.
فهذا توحيد الملاحدة، والجهمية المعطلة.