وفي حديث قال: أبي الدرداء، رواه كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فشخص ببصره إلى السماء؛ أي: كأنه ينتظر الوحي، فجاء الوحي باقتراب أجله، وقرب وفاته -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: «هذا أوان أن يختلس فيه العلم من الناس، حتى لا يقدروا منه على شيء» وهذا يدل على ذهاب العلم من الناس، وأن ابتداء ذلك من وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وانقطاع الوحي، وقد كان كما أخبر. الترمذي.
فهذا الحديث علم من أعلام النبوة، والناس لم يقدروا بعده على شيء من العلم والوحي.
والذي قدروا عليه هو هذا الجهل الذي أتى من الفلاسفة الطغام، [ ص: 246 ] والملاحدة اللئام، وذلك ليس من علم الدين في ورد لا صدر، وليس عليه أثارة من علم، وإن ظنوه علما، أو سموه فضلا.
فما العلم إلا في كتاب وسنة وما الجهل إلا في كلام ومنطق
وعن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله».
قال في الترجمة: يعني: علم الكتاب والسنة، يحمله من كل جماعة آتية بعد السلف أهل العدل منهم، الراوون له «ينفون عنه تحريف الغالين» أي: تغيير المتجاوزين عن الحد في أمر الدين.
والتحريف: تبديل الحق بالباطل بتغير في اللفظ، أو في المعنى. كذا في الترجمة.
«وانتحال المبطلين» أي يدفعون كذب أهل الباطل.
والانتحال: أن يدعي شيئا لنفسه كذبا من الشعر، أو القول، وهو لغيره.
وهنا كناية عن الكذب، كذا في الترجمة.
«وتأويل الجاهلين» أي: يذبون تأويلهم الذي أولوه من غير علم وفهم للآيات والأحاديث، وصرفوه عن ظاهره. رواه في كتاب «المدخل» مرسلا من حديث البيهقي عن بقية بن الوليد، معان بن رفاعة.