واعلم أن للشرك مراتب ، وللمغفرة مراتب .
فمراتب الشرك ثلاث : الجلي ، والخفي ، والأخفى .
وكذلك مراتب المغفرة .
فالشرك الجلي : بالأعيان ، وهو للعوام .
وذلك بأن يعبد شيء من دون الله تعالى ؛ كالأصنام ، والكواكب ، وغيرها .
فلا يغفر إلا بالتوحيد ، وهو إظهار العبودية في إثبات الربوبية مصدقا بالسر والعلانية .
والشرك الخفي : بالأوصاف ، وهو للخواص .
وذلك شوب العبودية بالالتفات إلى غير الربوبية في العبادة ؛ كالدنيا والهوى ، وما سوى المولى .
فلا يغفر إلا بالوحدانية ، وهي إفراد الواحد للواحد بالواحد .
والشرك الأخفى : وهو للأخص ، وذلك رؤية الأغيار ، والأنانية .
فلا يغفر إلا بالوحدة ، وهي فناء الناسوتية في بقاء اللاهوتية ؛ ليبقى بالهوية دون الأنانية .
فإن الله لا يغفر بمراتب المغفرة أن يشرك به بمراتب الشرك ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
أي : لمن يشاء المغفرة ، فيستغفر الله تعالى من مراتب الشرك ، فيغفر له بمراتب المغفرة .
ومن يشرك بالله بمراتب الشرك ؛ فقد افترى إثما عظيما ؛ أي : جعل بينه وبين الله حجابا من إثبات وجود الأشياء ، وأنانيته ، وهي أعظم الحجب كما قيل: وجودك ذنب لا يقاس به ذنب . [ ص: 347 ]
نيستي جولانكه اهل دل ست شاهراه عاشقان كامل ست جون وجودت محو كردى ازميان
نور وحدت جشم دل راشد عيان شرك رهزن باشداي دل در طريق
ذكر توفيق خدارا كن رفيق
وأما الآية الثانية : فذكر في تفسيرها قصة الشيخ ، ثم قال:
، وما سواه مغفور ، سواء حصلت التوبة ، أو لم تحصل . فالشرك غير مغفور إلا بالتوبة عنه
لكن لا لكل أحد ، بل لمن يشاء الله مغفرته : ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا [النساء : 116] عن الحق .
فإن ، وأبعدها عن الصواب والاستقامة . الشرك أعظم أنواع الضلالة
قال الحدادي : أي : فقد ذهب عن الصواب والهدى ذهابا بعيدا ، وحرم الخير كله .