فضائل كلمة التوحيد
هذا، وكلمة التوحيد لها فضائل عظيمة، وفواضل كريمة، لا يمكن هنا استقصاؤها، فلنذكر بعض ما ورد فيها.
قال وغيره من الصحابة: هي كلمة التقوى، وهي كلمة الإخلاص، وشهادة الحق، ودعوة الصدق، وهي براءة من الشرك، ونجاة من النار، ولأجلها خلقت الخلائق. عمر،
قال تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون [الذاريات: 56]؛ أي: يوحدوني، ويعرفوني.
ولأجلها أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، كما قال تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [الأنبياء: 25].
وقال: ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون [النحل: 2].
وهذه الآية أول ما عدد الله على عباده من النعم في سورة النحل.
قال ما أنعم الله على عباده نعما أعظم من أن عرفهم لا إله إلا الله، وأن هذه الكلمة الطيبة لأهل الجنة الماء البارد لأهل الدنيا، ولأجلها أعدت دار الثواب، ودار العقاب، ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد. ابن عيينة:
فمن قالها، عصم ماله، ودمه، ومن أباها، فماله ودمه هدر، وهي مفتاح دعوة الرسل، وبها كلم الله موسى كفاحا.
وفي «مسند وغيره عن البزار»، عياض الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن [ ص: 170 ] لا إله إلا الله كلمة حق على الله كريمة، ولها من الله مكان، وهي كلمة جمعت، وشرعت».
فمن قالها صادقا، أدخله الله الجنة، ومن قالها كاذبا، أحرزت ماله، وحقنت دمه، ولقي الله سبحانه، فيحاسبه، وهي ثمن الجنة. قاله الحسن.
وجاء مرفوعا من وجوه ضعيفة: «ومن كانت آخر كلامه، أدخل الجنة».
وهي نجاة من النار.
خرجه مسلم. وسمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: «أخرج من النار»
وهي توجب المغفرة.
وفي «المسند» عن شداد بن أوس، وعبادة بن الصامت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما:
ثم قال: «أبشروا؛ فإن الله قد غفر لكم». «ارفعوا أيديكم، وقولوا: لا إله إلا الله، فرفعنا أيدينا ساعة، ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم قال: «الحمد لله، اللهم أمرتني بهذه الكلمة، وبعثتني بها، ووعدتني الجنة عليها، وإنك لا تخلف الميعاد».
وهي أحسن الحسنات.
قلت: يا رسول الله! علمني بعمل يقربني من الجنة، ويباعدني من النار، وقال: «إذا عملت سيئة، فاعمل حسنة؛ فإنها عشر أمثالها». أبو ذر:
قلت: يا رسول الله! «لا إله إلا الله» من الحسنات؟
قال: «هي أحسن الحسنات، وهي تمحو الذنوب والخطايا». قال
وفي «سنن عن ابن ماجه» أم هانئ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا إله إلا الله لا تترك ذنبا، ولا يسبقها عمل». [ ص: 171 ]
ومن هنا قيل: التوحيد رأس الطاعات، والإخلاص أفضل العبادات.
رئي بعض السلف بعد موته في المنام، فسئل عن حاله، فقال: ما أبقت لا إله إلا الله شيئا.
وهي تجدد ما درس من الأعمال في القلب.
وفي «المسند». أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «جددوا إيمانكم»، قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: قولوا: لا إله إلا الله، وهي التي لا يعدلها شيء في الوزن، فلو وزنت بالسماوات والأرض لرجحت بهن».
كما في «المسند» عن عن النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن عمر، «أن نوحا قال لابنه عند موته: آمرك بـ: لا إله إلا الله؛ فإن السماوات السبع، والأرضين السبع، لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة، لرجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السماوات السبع، والأرضين السبع كن خلقن بهمة لفصحهن لا إله إلا الله».
وفيه أيضا عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
قال: يا موسى! قل: لا إله إلا الله، قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى! لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، لمالت بهن لا إله إلا الله». «أن موسى قال: يا رب! علمني شيئا أذكرك، وأدعوك به.