الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                                        السنن الكبرى للنسائي

                                                                                                                        النسائي - أحمد بن شعيب النسائي

                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        7809 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت عوفا ، قال : حدثنا أبو رجاء ، أنه حدثهم سمرة ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يكثر أن يقول لأصحابه : هل رأى أحد منكم رؤيا ؟ قال : فيقص عليه ما شاء الله أن يقص ، قال : وإنه قال لنا ذات غداة : إنه أتاني الليلة آتيان ، وإنهما ابتعثاني ، وإنهما قالا لي : انطلق ، وإني انطلقت معهما ، وإنا أتينا على رجل مضطجع ، وإذا آخر قائم عليه بصخرة ، وإذا هو يهوي بالصخرة [ ص: 127 ] لرأسه ، فيثلغ رأسه ، فيتدهده الحجر هاهنا ، فيتبع الحجر ، فيأخذه ، فما يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود إليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ، قلت لهما : سبحان الله ما هذا ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقت ، فأتينا على رجل مستلق لقفاه ، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد ، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه ، فيشرشر شدقه إلى قفاه ، ثم يتحول إلى الجانب الآخر ، فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ، قلت : سبحان الله ، ما هذا ؟ قالا لي : انطلق انطلق . فانطلقنا ، فأتينا على مثل بناء التنور ، فاطلعنا فيه ، فإذا رجال ونساء عراة ، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا ، قلت لهما : ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقت ، فأتينا على نهر ، فإذا في النهر رجل سابح ، وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة ، وإذا ذلك السابح يسبح ما سبح ، ثم يأتي الذي قد جمع عنده [ ص: 128 ] الحجارة ، فيفغر له فاه ، فيلقمه حجرا ، قلت لهما : ما هذان ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقت ، فأتينا على رجل كريه ، كأكره ما أنت راء رجلا ، وإذا هو عند نار له يحشها ويسعى حولها ، قلت لهما : ما هذان ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا على روضة ، فإذا بين ظهري الروضة رجل طويل ، لا أكاد أرى رأسه طولا في السماء ، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط ، قال : فانطلقنا ، فأتينا على دوحة عظيمة ، لم أر دوحة قط أعظم منها ولا أحسن ، قالا لي : ارق فيها ، فارتقينا ، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة ، فأتينا باب المدينة ، فاستفتحنا ، ففتح لنا ، فدخلناها ، فتلقانا فيها رجال : شطر كأحسن ما أنت راء ، وشطر كأقبح ما أنت راء ، قالا لهم : اذهبوا ، فقعوا في ذلك النهر ، وإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض ، فذهبوا ، فوقعوا فيه ، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم ، وصاروا في أحسن صورة ، قالا لي : هذه جنة عدن ، وهذاك منزلك ، قلت لهما : بارك الله فيكما ، ذراني فأدخله ، قالا لي : أما الآن فلا ، وأنت داخله ، قلت لهما : [ ص: 129 ] فإني قد رأيت منذ الليلة عجبا ، فما هذا الذي رأيت ؟ قالا لي : أما إنا سنخبرك :

                                                                                                                        أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر ، فهو الرجل يأخذ القرآن وينام عن الصلاة المكتوبة .

                                                                                                                        وأما الرجل الذي يشرشر شدقه إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، ومنخره إلى قفاه ، ذاك الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق .

                                                                                                                        وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور فهم الزناة والزواني .

                                                                                                                        وأما الرجل الذي في النهر يسبح ويلقم الحجارة فاه فهو آكل الربا .

                                                                                                                        وأما الرجل الذي عند الباب كريه المرأى فهو مالك خازن جهنم .

                                                                                                                        وأما الرجل الذي في الروضة الطويل ، فإنه إبراهيم .

                                                                                                                        وأما الولدان الذين حوله ، فكل مولود مات على الفطرة . فقال بعض المسلمين : يا رسول الله ، أولاد المشركين ؟ قال : وأولاد المشركين .

                                                                                                                        وأما القوم الذين كان شطر منهم قبيح ، فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فتجاوز الله عنهم
                                                                                                                        .

                                                                                                                        كمل كتاب التعبير والحمد لله رب العالمين

                                                                                                                        وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        الخدمات العلمية