الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4819 (باب منه )

                                                                                                                              وهو في النووي ، في : (الباب المتقدم ) .

                                                                                                                              [ ص: 634 ] (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 218 ، 219 ج 16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن جندب بن عبد الله البجلي ، رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «اقرءوا القرآن : ما ائتلفت عليه قلوبكم . فإذا اختلفتم فيه : فقوموا » ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن جندب بن عبد الله البجلي ) ، رضي الله عنه ، (قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : « اقرأوا القرآن : ما ائتلفت عليه قلوبكم . فإذا اختلفتم فيه : فقوموا » ) .

                                                                                                                              قال النووي : الأمر بالقيام - عند الاختلاف في القرآن - محمول عند العلماء : على اختلاف لا يجوز ، أو اختلاف يوقع فيما لا يجوز : كاختلاف في نفس القرآن ، أو في معنى منه : لا يسوغ فيه الاجتهاد ، أو اختلاف يوقع في شك ، أو شبهة ، أو فتنة وخصومة ، أو شجار ، ونحو ذلك .

                                                                                                                              وأما الاختلاف : في استنباط فروع الدين منه ، ومناظرة أهل العلم في ذلك - على سبيل الفائدة ، وإظهار الحق ، واختلافهم في ذلك - : فليس منهيا عنه ، بل هو مأمور به ، وفضيلة ظاهرة . وقد أجمع المسلمون على هذا : من عهد الصحابة إلى الآن . انتهى .

                                                                                                                              [ ص: 635 ] قلت : ومن الاختلاف في القرآن ، المنهي عنه : اتباع متشابهات الكتاب . ومثله : السنة المطهرة ، فإنها تلو القرآن . « وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .

                                                                                                                              وأكثر الناس ابتلاء في هذا : أصحاب الرأي ، وأصحاب الكلام ، وأهل البدع والمحدثات (من الصوفية ، والباطنية ، وغيرهم )؛ اختلفوا فيه اختلافا كثيرا وجاءوا بتأويلات ركيكة ، وتوجيهات سخيفة ، واحتمالات بعيدة ، صرفوا بها : ظاهر القرآن عن معناه الشرعي واللغوي ، اللذين عليهما : مدار الاستنباط ، والأحكام ، والعقائد ، وغيرها «حماية للمذاهب ، ووقاية للمشارب » ، وخبطوا خبط العشواء ، وعلى نفسها براقش تجني ؛ فحملوا آيات الصفات على غير المعنى المراد ، وأولوها بما يؤدي إلى تعطيلها . وكذلك أحاديث الصفات . وقالوا فيهما بالرأي ، وقد نهوا عنه . وتركوا طريقة السلف في إجرائها على ظاهرها : بلا تكييف ، ولا تأويل ، ولا تمثيل ، ولا تعطيل .

                                                                                                                              وزعموا : أن الحق فيما قالوه - وهم عن الحق وإيثاره على الباطل : بمراحل بعيدة - وتمسكوا بتقليد الرجال ، ووقعوا في شباك القيل والقال . وهلكوا كما هلك من قبلهم من أهل الكتاب .

                                                                                                                              ويؤيده حديث « أبي سعيد الخدري » عند مسلم يرفعه ؛ بلفظ :( « لتتبعن سنن الذين من قبلكم : شبرا بشبر ، وذراعا بذراع . حتى لو دخلوا في جحر ضب : لاتبعتموهم » . قلنا : يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ [ ص: 636 ] قال : «فمن » ). إلى غير ذلك : من الأحاديث الواردة في هذه الأبواب . فكأن هذا الحديث : علم من أعلام النبوة . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية