الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4565 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي، في (الباب الغابر).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص 68 ج16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن قتادة، يحدث عن أنس بن مالك، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الأنصار كرشي ، وعيبتي. وإن الناس سيكثرون، ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، واعفوا عن مسيئهم").

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس، رضي الله عنه؛ أن رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، قال: إن الأنصار كرشي) بفتح الكاف، وكسر الراء.

                                                                                                                              (وعيبتي) قال العلماء: معناه: جماعتي وخاصتي، الذين أثق بهم، وأعتمدهم في أموري.

                                                                                                                              قال الخطابي: ضرب مثلا "بالكرش"؛ لأنه مستقر غذاء الحيوان، [ ص: 658 ] الذي يكون به بقاؤه. و"العيبة": وعاء معروف أكبر من المخلاة، يحفظ الإنسان فيها: ثيابه، وفاخر متاعه، ويصونها، ضربها مثلا؛ لأنهم أهل سره، وخفي أحواله.

                                                                                                                              (وإن الناس) غير الأنصار: (سيكثرون، ويقلون). أي: ويقل الأنصار. وهذا من المعجزات الظاهرة، والكرامات الباهرة. وقد وقع كما قال، صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الموجودين الآن -ممن ينسب لعلي بن أبي طالب، ممن يتحقق نسبه إليه-أضعاف من يوجد من قبيلتي الأوس والخزرج -ممن يتحقق نسبه- وقس على ذلك، ولا التفات إلى كثرة من يدعي أنه منهم، من غير برهان. قاله في الفتح.

                                                                                                                              قال التوربشتي: يريد: أن أهل الإسلام يكثرون، والأنصار يقلون؛ لأن الأنصار هم الذين آووه، صلى الله عليه وآله وسلم، ونصروه. وهذا أمر قد انقضى زمانه، لا يلحقهم اللاحق، ولا يدرك شأوهم السابق. وكلما مضى منهم واحد، مضى من غير بدل، فيكثر غيرهم، ويقلون.

                                                                                                                              زاد البخاري: "حتى يكونوا كالملح في الطعام" أي: من القلة. ووجه التشبيه: أن "الملح" بالنسبة إلى جملة الطعام: جزء يسير منه، بالنسبة للمهاجرين وأولادهم، الذين انتشروا في البلاد، وملكوا الأقاليم.

                                                                                                                              [ ص: 659 ]

                                                                                                                              (فاقبلوا من محسنهم، واعفوا عن مسيئهم). وفي بعض الأصول: "عن سيئتهم". قال النووي: والمراد بذلك: فيما سوى الحدود. انتهى.

                                                                                                                              وعند البخاري، من حديث أنس، بلفظ: "أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي. وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم. فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم".

                                                                                                                              وفي رواية أخرى، عن ابن عباس، بلفظ: "فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا، أو ينفعه، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم" وفي الباب: روايات تدل على ذلك الوصية والنصيحة.




                                                                                                                              الخدمات العلمية