الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3175 باب ما يحل دم الرجل المسلم

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب ما يباح به دم المسلم ) .

                                                                                                                              وعبارة المنتقى : ( باب إيجاب القصاص بالقتل العمد ، وأن مستحقه بالخيار بينه وبين الدية ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 164 ج11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزان، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة " ].

                                                                                                                              [ ص: 275 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 275 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله ) بن مسعود ، رضي الله عنه : (قال : قال رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم : لا يحل دم امرئ مسلم ، يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ) .

                                                                                                                              هذا وصف كاشف. لأن المسلم لا يكون مسلما ، إلا إذا كان يشهد تلك الشهادة (إلا بإحدى ثلاث (.

                                                                                                                              فيه : دليل على أن الكافر يحل دمه لغير الثلاث . لأن التوصيف بالمسلم ، يشعر بأن الكافر يخالفه في ذلك. ولا يصح أن تكون المخالفة إلى عدم حل دمه مطلقا.

                                                                                                                              ومفهوم هذا : يدل على أنه لا يحل بغير هذه الثلاث. ولكن ورد ما يدل على أنه يحل بغيرها. فيكون عموم هذا المفهوم ، مخصصا مما ورد من الأدلة الدالة على أنه يحل دم المسلم بغير الأمور المذكورة.

                                                                                                                              (الثيب الزان ) هكذا هو في النسخ : " الزان " من غير ياء بعد النون. وهي لغة صحيحة قرئ بها في السبع ، كما في قوله : الكبير المتعال ، وغيره. والأشهر في اللغة : إثبات الياء في كل هذا.

                                                                                                                              وفي هذا الحديث : إثبات قتل الزاني المحصن. والمراد : رجمه بالحجارة ؛ حتى يموت. وهذا بإجماع المسلمين.

                                                                                                                              [ ص: 276 ] (والنفس بالنفس ) المراد به : القصاص.

                                                                                                                              وقد يستدل به ، من قال : إنه يقتل الحر بالعبد ، والرجل بالمرأة ، والمسلم بالكافر. لما فيه من العموم. وبه قال الحنفية. وجمهور العلماء على خلافه ، منهم مالك ، والشافعي ، والليث ، وأحمد.

                                                                                                                              (والتارك لدينه ، المفارق للجماعة ) .

                                                                                                                              ظاهره : أن الردة من موجبات قتل المرتد ، بأي نوع من أنواع الكفر كانت.

                                                                                                                              قال النووي : هو عام في كل مرتد عن الإسلام ، بأي ردة كانت. فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام.

                                                                                                                              قال : قال العلماء : ويتناول أيضا ، كل خارج عن الجماعة ببدعة ، أو بغي ، أو غيرهما. وكذا الخوارج. انتهى.

                                                                                                                              قال في النيل : المراد : مفارقة جماعة الإسلام. ولا يكون ذلك إلا بالكفر ، لا بالبغي والابتداع ونحوهما. فإنه وإن كان في ذلك مخالفة للجماعة ، فليس فيه ترك للدين. إذ المراد : الترك الكلي. ولا يكون إلا بالكفر ، لا مجرد ما يصدق عليه اسم " الترك ". وإن كان لخصلة من خصال الدين للإجماع. على أنه لا يجوز قتل العاصي ، بترك خصلة [ ص: 277 ] من خصال الإسلام. اللهم إلا أن يراد : أنه يجوز قتل الباغي ونحوه ، دفعا لا قصدا. ولكن ذلك ثابت في كل فرد من الأفراد. فيجوز لكل فرد من أفراد المسلمين : أن يقتل من بغى عليه ؛ مريدا لقتله ، أو أخذ ماله. ولا يخفى أن هذا غير مراد بحديث الباب. بل المراد بالترك للدين والمفارقة للجماعة : الكفر فقط. كما يدل على ذلك قوله في الحديث الآخر : " أو كفر بعد ما أسلم ". وكذلك قوله : " أو رجل يخرج من الإسلام " انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : واعلم أن هذا الحديث عام ، يخص منه الصائل ونحوه. فيباح قتله في الدفع. وقد يجاب عن هذا : بأنه داخل في المفارق للجماعة. أو يكون المراد : لا يحل تعمد قتله قصدا ، إلا في هذه الثلاثة ) . والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية