الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي أكثر العلماء على أن التمتع لسائر الناس من محصر وغيره، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عبد الله بن الزبير : التمتع: أن يهل بالحج، فيحصر بعدو أو مرض، فيجعلها عمرة، ويتمتع بحله إلى العام المقبل، ثم يحج ويهدي، فهذا التمتع [ ص: 442 ] بالعمرة إلى الحج.

                                                                                                                                                                                                                                      وصفة التمتع في قول جمهور العلماء: أن يأتي غير المكي بالعمرة أو بعضها في أشهر الحج، وأولها شوال، ثم يحل منها ويحج من عامه قبل رجوعه إلى أفقه، أو ما كان من مسافة في حكمه.

                                                                                                                                                                                                                                      هذا مذهب مالك في رجوعه إلى أفقه، أو مثل مسافته، فإن رجع إلى أقل من مسافة أفقه؛ فهو متمتع.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن ابتدأها في غير أشهر الحج، ثم حل منها في أشهر الحج؛ فعمرته عند مالك وغيره: للشهر الذي أهل فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وعند طاووس : للشهر الذي يدخل فيه الحرم.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن شبرمة، والشافعي، وغيرهما: للشهر الذي يطوف فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأبو حنيفة وأصحابه: إن طاف في رمضان ثلاثة أشواط، وفي شوال [ ص: 443 ] أربعة، فحج من عامه؛ فهو متمتع، فإن طاف في رمضان أربعة أشواط، وفي شوال ثلاثة [فحج من عامه]؛ فهو غير متمتع.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا سافر بعد تمتعه وقبل الحج؛ فمذهب مالك على ما قدمناه، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه؛ إذا رجع إلى المصر الذي فيه أهله؛ سقط عنه دم المتعة.

                                                                                                                                                                                                                                      عطاء وابن حنبل : إن سافر سفرا تقصر فيه الصلاة؛ سقط عنه حكم المتعة.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : هو متمتع وإن رجع إلى أهله، وعنه أيضا: أن من اعتمر بعد النحر؛ فهو متمتع.

                                                                                                                                                                                                                                      طاووس : من اعتمر في غير أشهر الحج، ثم أقام حتى يحج من عامه؛ فهو متمتع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم قال مالك : يصوم الثلاثة إذا أهل بالحج، متى أهل به، فإذا رجع من منى؛ فلا بأس أن يصوم السبعة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 444 ] ابن حنبل : جائز أن يصوم الثلاثة قبل أن يحرم.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو حنيفة وأصحابه: يصوم قبل يوم التروية يوما، ويوم التروية، ويوم عرفة.

                                                                                                                                                                                                                                      الشافعي : يصومهن ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ الثوري والأوزاعي : يصومهن من أول العشر إلى يوم عرفة ]، فإن فاته الصوم في العشر؛ صام أيام التشريق عند مالك وأكثر العلماء، وقاله الشافعي باختلاف عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن وعطاء: يصومهن بعد أيام التشريق.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد : إن فاته صومهن في العشر؛ لم يجزئه إلا الهدي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: تلك عشرة كاملة تأكيد؛ إذ قد يتوهم أنه إنما عليه إن صام في الحج ثلاثة، وإن رجع؛ كان عليه بدل الثلاثة سبعا، ذكر معناه الزجاج وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : كاملة في الهدي؛ لأنها بدل منه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كاملة الثواب.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 445 ] المبرد : هو دلالة على انقضاء العدد؛ لئلا يتوهم أنه قد بقي منه شيء بعد ذكر السبعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام : (حاضرو المسجد الحرام) عند مالك : أهل مكة، وذي طوى.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : أهل الحرم.

                                                                                                                                                                                                                                      مكحول : من كان خلف المواقيت إلى مكة.

                                                                                                                                                                                                                                      عطاء : نخلتان، ومر الظهران، وعرنة، والرجيع .

                                                                                                                                                                                                                                      والتي أهلها غير حاضري المسجد الحرام: السفر، والسفر: ما تقصر [ ص: 446 ] فيه الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية