الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب :

                                                                                                                                                                                                                                      {يوم القيامة يفصل بينكم} : العامل في {يوم} : {يفصل} ، [فيوقف على {بينكم} ] ، أو {تنفعكم} ، فيوقف على {القيامة} .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {براء} ؛ فهو جمع (بريء) ؛ كـ (كريم ، وكرام) ، و {برآء} [ ص: 394 ] أيضا جمعه؛ كـ (كريم ، وكرماء) ، ويجوز جمعه على {براء} ؛ كـ (رباب) جمع (شاة ربى) ، و (أبرياء) ؛ كـ (صديق ، وأصدقاء) ، وأجاز الفراء : {إنا براء} ؛ على تقدير : ذوو براء .

                                                                                                                                                                                                                                      أن تبروهم : يجوز أن تكون {أن} بدلا من {الذين} بدل اشتمال ، أو على تقدير : كراهة أن تبروهم ، وكذلك القول في أن تولوهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم : معنى (عاقبتم) : أصبتم منهم عقبى ، ومعنى (عقبتم) : اتبعتم أعقاب عدوكم ، فأصبتم منهم ، وقد يستعمل (المعقب) في الذي يغزو غزوة بعد غزوة .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى (عقبتم) ؛ بالتخفيف : نلتم بعد أن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار غنيمة ، من قولهم : (عقب الليل النهار) ؛ أي : جاء بعده .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 395 ] ومن قرأ : {فأعقبتم} ؛ فمعناه : صنعتم بهم مثل ما صنعوا بكم ، قاله مجاهد وغيره ، والعرب تقول : (أعقب فلان بخير) ، و (أعقب الأمر عقبانا ، وعقبى) ، و (عقبى حسنة) ، و (أعقبت الرجل) : كنت عقيبه .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {فعقبتم} ؛ فكأنه بمعنى : (غنمتم) ووزنه ، والقراءات كلها راجعة إلى معنى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن : يجوز أن يكون بين أيديهن وأرجلهن متعلقا بـ {يأتين} ، فيكون ظرفا لا ضمير فيه ، ويجوز أن يكون وصفا لـ(بهتان) ، وفيه ذكر للموصوف ، ولا يحسن تعلقه بـ {يفترينه} ؛ لأنه بعيد في المعنى ، إنما المعنى : لا يأتين بولد في غير الفراش ، فينسبنه إلى الفراش ، أو لا يأتين ببهتان في ما جعل القول فيه قولهن؛ كالحيض ، والحمل ، ونحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور : {من} الأولى متعلقة بـ {يئسوا} ، على تقدير : قد يئسوا من كون الآخرة أو ثوابها ، و {من} الثانية يجوز أن تتعلق بـ {يئس} ، فيكون التقدير : كما يئس من بعث أصحاب القبور الكفار ، ويجوز أن تتعلق بـ {الكفار} ؛ المعنى : يئسوا من ثواب الآخرة؛ كما يئس الكفار [من أصحاب القبور من ثواب الآخرة؛ أي : كما يئس الكفار] المقبورون ، [ ص: 396 ] أو يكون المعنى : يئسوا من البعث؛ كما يئس أسلافهم المقبورون منه في حياتهم ، وقد أيقنوا به حين موتهم؛ لأن الكافر يعاين الحقائق عند موته؛ كما يعاينها المؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مدنية ، وعددها : ثلاث عشرة آية بإجماع .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية