الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب :

                                                                                                                                                                                                                                      التشديد في {يخربون} بمعنى التكثير ، أبو عمرو : (أخربته) ؛ إذا تركته خرابا ، و (خربته) ؛ إذا هدمته .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {كي لا تكون دولة} ؛ فالمعنى : كي لا تقع دولة ، فـ (كان) تامة ، ويجوز أن تكون ناقصة ، وخبرها : بين الأغنياء منكم ، وإذا كانت تامة؛ فقوله : بين الأغنياء منكم متعلق بـ {دولة} ؛ على معنى : تداول بين الأغنياء منكم ، أو بـ {تكون} ؛ على معنى : تحدث بين الأغنياء منكم ، ويجوز أن يكون بين الأغنياء منكم وصفا لـ {دولة} .

                                                                                                                                                                                                                                      والياء والنصب على معنى : كي لا يكون الفيء دولة .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم : نصب {الإيمان} على أنه محمول [ ص: 381 ] على فعل غير {تبوءوا} ، و من قبلهم : {من} : صلة {تبوءوا} ؛ المعنى : والذين تبوءوا الدار من قبل المهاجرين ، واعتقدوا الإيمان ، ولا يحمل {الإيمان} على {تبوءوا} ؛ لأن التبوؤ إنما يكون في الأماكن ، ويجوز حمله على حذف المضاف؛ كأنه قال : تبوءوا الدار ومواضع الإيمان ، ويجوز حمله على ما دل عليه {تبوءوا} ؛ كأنه قال : لزموا الدار ، ولزموا الإيمان ، فلم يفارقوهما .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا : فيه تقدير حذف مضافين؛ المعنى : مس حاجة من فقد ما أوتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      والجمع والإفراد في {جدر} ظاهر ، والمفرد يراد به الجمع .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو الفتح : يحتمل أن يكون {جدر} تكسير (جدار) [أيضا] ، فالألف في الواحد كألف (كتاب) ، وفي الجمع كألف (ظراف) ؛ ومثله : (ناقة هجان ، و نوق هجان) ، قال : ويدل على أن قولك : (هجان) ليس لفظا واحدا يقع على الواحد فما فوقه : قولهم : (هجانان) .

                                                                                                                                                                                                                                      وكسر (فعال) على (فعال) ؛ كما كسر (فعيل) على (فعال) ، و (فعال) أخت [ ص: 382 ] (فعيل) ؛ من حيث كانا ثلاثيين ، وقبل آخر كل واحد منهما حرف لين ، فصار لفظ الواحد والجمع مشتبهين في اللفظ ، مختلفين في المعنى ، قال : ومثله : واجعلنا للمتقين إماما [الفرقان : 74] هو جمع (إمام) ، وهو عند الأخفش : جمع (آم) ؛ كـ (قائم ، وقيام) .

                                                                                                                                                                                                                                      و {جدر} : مخفف من {جدر} ، و {جدر} : يجوز أن يكون معناه : من وراء نخلهم وشجرهم ، يقال : (أجدر النخل) ؛ إذا طلعت رؤوسه في أول الربيع ، و (الجدر) : نبت ، واحده : (جدرة) .

                                                                                                                                                                                                                                      فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين : من جعله مخصوصا في الراهب؛ فالتثنية ظاهرة ، ومن جعله للجنس؛ فالمعنى : فكان عاقبة الفريقين ، أو الصنفين ، ونصب {عاقبتهما} على أنه خبر (كان) ، والاسم : أنهما في النار ، ورفعه على ضد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      ونصب {خالدين} على الحال ، ورفعه على أنه خبر (أن) ، والظرف ملغى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 383 ] المبرد : نصب {خالدين} على الحال أولى؛ لئلا يلغى الظرف مرتين ، يعني : في النار و {فيها} .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : لا يجوز إلا نصب {خالدين} ؛ لأنك إذا رفعته على خبر (أن) ؛ كان حق في النار أن يكون مؤخرا ، فيتقدم المضمر على المظهر؛ لأن التقدير عنده : فكان عاقبتهما أنهما خالدان فيها في النار ، وذلك عند البصريين جائز؛ لأنهم إنما يراعون الرتبة في اللفظ .

                                                                                                                                                                                                                                      وفتح القاف في {القدوس} لغة فيه حكاها سيبويه ، و (فعول) في الصفات قليل ، وأكثر ما يأتي في الأسماء .

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مدنية ، وعددها : أربع وعشرون آية بإجماع .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية