الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      سبح لله ما في السماوات والأرض : حذفت (ما) قبل {الأرض}، وهي نكرة موصوفة، وقامت الصفة مقام الموصوف، ولا تقدر (ما) المحذوفة بمعنى: (الذي) ؛ لأن الصلة عند البصريين لا تقوم مقام الموصول، وأجازه الكوفيون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن رفع قوله وكلا وعد الله الحسنى ، فلأن المفعول إذا تقدم، ضعف عمل الفعل، والهاء محذوفة من (وعده) ، ومن نصب، فهو منصوب بـ (وعد) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 345 ] يوم ترى المؤمنين : العامل في {يوم} : وله أجر ، فالعامل فيه معنى الملك، وقيل: العامل فيه (وعد) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وبإيمانهم} ، بالكسر، أراد: الإيمان الذي هو ضد الكفر، وعطف ما ليس بظرف على الظرف، لأن معنى الظرف الحال، وهو متعلق بمحذوف، والمعنى: يسعى كائنا بين أيديهم، وكائنا بإيمانهم، وليس قوله: بين أيديهم متعلقا بنفس {يسعى} .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في {وبأيمانهم} في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار : التقدير: يقال لهم: بشراكم اليوم دخول جنات، ولا بد من تقدير حذف المضاف، لأن (البشرى) حدث، و(الجنة) عين، فلا تكون هي هي.

                                                                                                                                                                                                                                      خالدين فيها : حال من (دخول) المحذوف، التقدير: بشراكم اليوم دخول جنات مقدرين الخلود فيها، ولا تكون الحال من {بشراكم} ، لأن فيه فصلا بين الصلة والموصول، ويجوز أن يكون مما دل عليه (البشرى) ، كأنه قال:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 346 ] يبشرون خالدين.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون الظرف الذي هو {اليوم} خبرا عن {بشراكم} ، و {جنات} بدلا من (البشرى) ؛ على تقدير حذف المضاف، كما تقدم، و {خالدين} حال حسب ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز الفراء نصب {جنات} على الحال، على أن يكون {اليوم} خبرا عن {بشراكم} ، وهو بعيد، إذ ليس في {جنات} معنى الفعل.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز أن يكون {بشراكم} نصبا، على معنى: يبشرونهم بشرى، وينتصب {جنات} بـ (البشرى) ، وفيه تفرقة بين الصلة والموصول.

                                                                                                                                                                                                                                      يوم يقول المنافقون والمنافقات : العامل في {يوم} : ذلك هو الفوز العظيم ، وقيل: هو بدل من (اليوم) الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      قيل ارجعوا وراءكم لا موضع ل(وراء) من الإعراب، وليس متعلقا بـ {ارجعوا} ، [ ص: 347 ] وإنما المعنى: ارجعوا ارجعوا، كما يقال: (وراءك أوسع لك) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ألما يأن للذين آمنوا} ، فأصلها (لم) ، زيدت عليها (ما) ، فهي نفي لقول القائل: (قد كان كذا) ، و(لم) : نفي لقوله: (كان كذا) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ولا تفرحوا بما أتاكم} ، فمعناه: جاءكم وهو معادل لـ {فاتكم} ، والعائد إلى (ما) في الموضعين الذكر الذي في (فات) ، و(أتى) ، ومن مد، فالفاعل ضمير يعود على اسم الله عز وجل، والعائد إلى (ما) محذوف، التقدير: آتاكموه.

                                                                                                                                                                                                                                      الذين يبخلون : ابتداء، وخبره محذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن الله هو الغني الحميد : من أثبت {هو} ، جاز أن تكون فصلا، [وجاز أن تكون مبتدأ، ومن حذفها، فالأحسن أن تكون فصلا]، لأن حذف [ ص: 348 ] الفصل أسهل من حذف المبتدأ.

                                                                                                                                                                                                                                      وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب : قوله: {ورسله} معطوف على الضمير المنصوب الذي قبله، ولا يكون معطوفا على مفعول {ليعلم} ، لأن فيه فضلا بين الصلة والموصول، لأن قوله: {بالغيب} متعلق بـ {ينصره} ، ولا يتعلق ب(يعلم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ورهبانية ابتدعوها : الأحسن أن تكون (الرهبانية) منصوبة بإضمار فعل، وقيل: إنها معطوفة على (الرأفة والرحمة) ؛ والمعنى على هذا: أن الله أعطاهم إياها، فغيروا، وابتدعوا فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ليلا يعلم أهل الكتاب} ، فهو على فتح لام الجر، وهي لغة معروفة، ووجه إسكان الياء: أن همزة (أن) حذفت، فصار) لن لا) ، فأدغمت النون في اللام، فصار (للا) ، فلما اجتمعت اللامات، أبدل الوسطى منهن ياء، كما قالوا في (أما) : (أيما) ، وكذلك القول في قراءة من قرأ: {ليلا} ؛ [ ص: 349 ] بكسر اللام، إلا أنه أبقى اللام على اللغة المشهورة فيها، فهو أقوى من هذه الجهة، ومن جهة أن البدل ـ إذا انضم إلى التضعيف الكسر ـ أكثر، لتوالي الثقل.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية