الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب : أمرا من عندنا : مصدر في موضع الحال ، وكذلك رحمة من ربك ، وهما عند الأخفش حالان ، تقديرهما : أنزلناه آمرين به وراحمين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 104 ] المبرد : {أمرا} ؛ في موضع المصدر ؛ والتقدير : أنزلناه إنزالا .

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : هو مصدر ؛ كأنه قال : يفرق فرقا ، فـ (أمر ) بمعنى : (فرق ) ، وقيل : {يفرق} ؛ يدل على (يؤمر ) ، فهو مصدر عمل فيه ما قبله .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء في قوله : رحمة من ربك : هي مفعولة بـ {مرسلين} ، وجعل الرحمة النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : {رحمة} : مفعول من أجله ، وقيل : هي بدل من قوله : {أمرا} ، وقيل : هي مصدر .

                                                                                                                                                                                                                                      رب السماوات : الرفع على أنه مبتدأ ، والخبر : لا إله إلا هو ، أو يكون خبر مبتدأ محذوف ، والجر على البدل من {ربك} ، وكذلك : ربكم ورب آبائكم الأولين .

                                                                                                                                                                                                                                      {فارتقب} : مفعوله محذوف ؛ التقدير : فارتقب النقمة تنزل بهم ، وقيل :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 105 ] تقديره : هذا عذاب أليم فارتقبه يوم تأتي السماء ، فتكون الهاء محذوفة من غير صلة ، ولا صفة ، وفيه بعد .

                                                                                                                                                                                                                                      يغشى الناس هذا عذاب أليم : من قال : إن الدخان قد مضى ؛ فقوله : هذا عذاب أليم حكاية حال ماضية ، ومن جعله مستقبلا ؛ فهو حكاية حال آتية .

                                                                                                                                                                                                                                      يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون : {يوم} : محمول على ما دل عليه إنا منتقمون ؛ أي : ننتقم منهم يوم نبطش ، وأبعده بعض النحويين ؛ بسبب أن ما بعد (إن ) لا يفسر ما قبلها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن العامل فيه {منتقمون} ، وهو بعيد أيضا ؛ لأن ما بعد (إن ) لا يعمل فيما قبلها .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يحسن تعلق {يوم} بقوله : {عائدون} ، ولا بقوله : إنا كاشفو العذاب ؛ إذ ليس المعنى عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز نصبه بإضمار فعل ؛ كأنه قال : اذكر يوم نبطش .

                                                                                                                                                                                                                                      كذلك وأورثناها قوما آخرين أي : الأمر كذلك ، فيوقف على {كذلك} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن الكاف في موضع نصب ؛ على تقدير : نفعل فعلا كذلك بمن نريد إهلاكه .

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون : قوله : من فرعون :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 106 ] [بدل من من العذاب المهين ، فلا تتعلق {من} ] بقوله : من العذاب ؛ لأنه قد وصف ، وهو لا يعمل بعد الوصف عمل الفعل ، لكن يجوز أن يكون قوله : من فرعون حالا من {العذاب} ، متعلقا بمحذوف .

                                                                                                                                                                                                                                      أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم : يجوز أن يرتفع والذين من قبلهم على العطف على قوم تبع ، فيجوز أن يكون صلة {الذين} قوله : {أهلكناهم} ، ويكون من قبلهم متعلقا به .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون من قبلهم صلة {الذين} ، ويكون في الظرف عائد على الموصول ، وإذا كان كذلك ؛ كان {أهلكناهم} على أحد أمرين : إما أن تقدر معه [(قد ) ؛ فيكون في موضع حال ] ، أو يقدر حذف موصوف ؛ كأنه قال : قوم أهلكناهم ؛ والتقدير : أفلا يعتبرون أنا إذا قدرنا على إهلاك هؤلاء المذكورين ؛ قدرنا على إهلاك المشركين ؟

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون والذين من قبلهم ابتداء ، وخبره : {أهلكناهم} .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {الذين} في موضع جر عطفا على {تبع} ؛ كأنه قال : قوم تبع والمهلكين من قبلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 107 ] ويجوز أن يكون {الذين} في موضع نصب ؛ بإضمار فعل دل عليه {أهلكناهم} .

                                                                                                                                                                                                                                      إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين : هذا على أن اسم {إن} : يوم الفصل ، والخبر : {ميقاتهم} ، وأجاز الكسائي والفراء نصب {ميقاتهم} بـ {إن} ، و يوم الفصل : ظرف في موضع خبر {إن} ؛ أي : إن ميقاتهم يوم الفصل .

                                                                                                                                                                                                                                      يوم لا يغني مولى : بدل من {يوم} الأول .

                                                                                                                                                                                                                                      إلا من رحم الله : {من} رفع على البدل من المضمر في {ينصرون} ، أو على الابتداء ؛ كأنه قال : إلا من رحم الله فمغفور له ، أو على البدل من {مولى} الأول ؛ كأنه قال : لا يغني إلا من رحم الله ، وهي عند الكسائي والفراء في موضع نصب على الاستثناء المنقطع .

                                                                                                                                                                                                                                      كالمهل يغلي في البطون : الياء حملا على (الطعام ) ، وهو في المعنى [ ص: 108 ] (الشجرة ) ، ولا يحمل على (المهل ) ؛ لأنه إنما ذكر للتشبيه ، والتاء حملا على (الشجرة ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح (إن ) من قوله : ذق إنك ؛ فعلى تقدير : بأنك ، أو لأنك ، والكسر على الاستئناف .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم ذكر {مقام} .

                                                                                                                                                                                                                                      كذلك وزوجناهم بحور عين : يجوز أن تكون الكاف رفعا ؛ على تقدير : الأمر كذلك ، أو نصبا على أنها نعت لمصدر محذوف ؛ أي : نفعل بالمتقين فعلا كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      والإضافة والتنوين في بحور عين سواء .

                                                                                                                                                                                                                                      فضلا من ربك : مصدر عمل فيه يدعون فيها ، وقيل : العامل فيه : {ووقاهم} ، وقيل : فعل مضمر ، وقيل : الكلام الذي قبله ؛ لأنه تفضل منه عليهم ؛ إذ وفقهم في الدنيا إلى أعمال يدخلون بها الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 109 ] هذه السورة مكية ، وعددها في المدنيين ، والمكي ، والشامي : ست وخمسون آية ، وفي البصري : سبع ، وفي الكوفي : تسع .

                                                                                                                                                                                                                                      اختلف منها في أربع :

                                                                                                                                                                                                                                      {حم} [1 ] : كوفي ، وكذلك : {ليقولون} [34 ] [بعده : إن هي إلا موتتنا الأولى ] .

                                                                                                                                                                                                                                      شجرت الزقوم [43 ] : كوفي ، وبصري ، ومدني الأول ، وشامي .

                                                                                                                                                                                                                                      {تغلي في البطون} [45 ] : مكي ، وكوفي ، وبصري ، ومدني الأخير .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية