[ ص: 518 ] التفسير:
قوله تعالى: والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى : [أي: يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله] و (الزلفى): القربة.
قال المعنى: ليشفعوا لنا. الضحاك:
يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل أي: يلقي هذا على هذا، [وهذا على هذا] وأصل (التكوير) في اللغة: اللف والجمع. وقوله:
وتقدم معنى خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها .
وقوله: وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج : أخبر عن (الأزواج) بالنزول; لأنها تكونت بالنبات، والنبات بالماء المنزل، وهذا يسمى التدريج، و (الأزواج) هي المذكورة في (الأنعام) [143 - 144].
يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق يعني: النطفة، [والعلقة، والمضغة.
وقوله: في ظلمات ثلاث يعني: ظلمة المشيمة، وظلمة الرحم، وظلمة [ ص: 519 ] البطن] عن وغيره، وقيل: يعني: ظلمة الصلب، ثم الرحم ثم البطن. مجاهد
وقوله: إن تكفروا فإن الله غني عنكم : خصوص للكفار، عن ، وقيل: هو عام، وهو أحسن; لأن الله تعالى لا يرضى الكفر لأحد من خلقه، إلا أن يحمل {يرضى} على معنى: يريد، فالله تعالى يريد الكفر من الكافر، وبإرادته كفر، ولا يرضاه، ولا يحبه، فهو يريد كون ما لا يرضاه، وقد أراد الله -عز وجل- خلق إبليس، وهو لا يرضاه، ولا يحبه، فالإرادة غير الرضا، هذا مذهب ابن عباس أهل السنة.
وقوله: وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه أي: راجعا إليه.
وقوله: ثم إذا خوله نعمة منه أي: أعطاه نسي ما كان يدعو إليه من قبل أي: ترك، فالمعنى: ترك كون الدعاء منه إلى الله -عز وجل- وقيل: المعنى: نسي الله الذي كان يدعو إليه من قبل كشف الضر عنه، فـ{ما} على هذا لله -عز وجل- وهي بمعنى: (الذي) وهي والفعل -على القول الأول- مصدر.
وقوله: قل تمتع بكفرك قليلا : تهدد.
وقوله: أمن هو قانت آناء الليل : من خفف {أمن} فالتقدير: أمن [ ص: 520 ] هو قانت كمن هو بخلاف ذلك؟ ومن شدد، فالمعنى: العاصون المتقدم ذكرهم خير أمن هو قانت؟
وقيل: إن التخفيف على معنى النداء; كأنه قال: يا من هو قانت، ولا يحسن الوقف على هذا التقدير على رحمة ربه لأن المعنى: يا من هو قانت [ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟] [فهو متصل، إلا أن تقدر حذفا، فيكون التقدير: يا من هو قانت، أبشر].
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون : يريد: العالم المطيع أنه لا يستوي هو والجاهل العاصي.
وتقدم القول في للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب .
وقوله: قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين : [في الكلام حذف تدل عليه اللام، والمعنى: أمرت بالعبادة; لأن أكون أول المسلمين].
وقوله: فاعبدوا ما شئتم من دونه : تهدد.
[ ص: 521 ] وقوله: قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم يعني: بتخليدهم في النار، {وأهليهم} يعني: الذين كانوا يكونون لهم في الجنة لو كانوا من أهلها.
وقوله: لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل : [سمى ما تحتهم ظللا] لأنها تظل من تحتهم.
وقوله: والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها الآية:
روي: أنها نزلت في عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد وسعيد، وطلحة، حين سألوا والزبير، فأخبرهم بإيمانه، فآمنوا. أبا بكر الصديق
وقيل: زيد بن عمرو بن نفيل، وغيرهما ممن وحد الله تعالى قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. وأبي ذر نزلت في
وقوله: فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه : قيل: المعنى: يستمعون القرآن وغيره، فيتبعون القرآن، وقيل: يستمعون العقوبة الواجبة لهم، والعفو فيأخذون بالعفو.
وقيل: إن (أحسن القول) -[على قول من جعل الآية في من وحد الله قبل الإسلام]-: لا إله إلا الله.
[ ص: 522 ] وقوله: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار : تكرير الاستفهام تأكيد؛ لطول الكلام، والمعنى: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟
وقيل: إن في الكلام حذفا، والتقدير: أفمن حق عليه كلمة العذاب ينجو منه؟ وما بعده مستأنف.
وقوله: فسلكه ينابيع في الأرض : (الينابيع): جمع (ينبوع) وهو (يفعول) من (نبع) وقد تقدم ذكره.
وقوله: ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه يعني: خضرته، وصفرته، وبياضه، وقيل: المعنى: أنواعا من الزرع: شعير، وبر وسمسم، وغير ذلك، وهذا اختيار الطبري.
وقوله: ثم يهيج فتراه مصفرا أي: يجف ثم يجعله حطاما أي: متفتتا.
وقوله: أفمن شرح الله صدره للإسلام : في الكلام حذف، والمعنى: أفمن شرح الله صدره للإسلام كمن طبع على قلبه؟
والمراد بـ (من شرح الله صدره للإسلام) ههنا -فيما ذكره المفسرون-: علي وحمزة -رضي الله عنهما- والمراد بقوله: فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله : أبو لهب وولده.
[ ص: 523 ] ومعنى من ذكر الله : أن قلوبهم تزداد قسوة من سماع ذكره، وقيل: إن {من} بمعنى: (عن) والمعنى: قست قلوبهم عن قبول ذكر الله، وهو اختيار الطبري.
وقوله: كتابا متشابها أي: يشبه بعضه بعضا في الحكمة.
{مثاني} أي: تثنى فيه القصص، والمواعظ، والأحكام، وذكر الله عز وجل.
تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم : يريد: مما فيه من الوعيد، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله : [أي: إلى ذكر رحمة الله].
وقوله: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة : خص الوجه بالذكر؛ لأنه أعز ما في الإنسان، وروي: أنه يلقى في النار مغلولا، فلا يجد ما يتقي به النار سوى وجهه، وفي الكلام حذف، والمعنى: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن هو في الجنة؟
وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون : [أي: يقال لهم: ذوقوا جزاء ما كنتم تكسبون].