الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      [قيل: إن معنى] نداء نوح -عليه السلام- دعاؤه على قومه بالغرق، وقيل: دعاؤه أن ينجيه وأهله من الكرب العظيم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وتركنا عليه في الآخرين يعني: الثناء الجميل، عن مجاهد وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد: المعنى: وتركنا عليه في الآخرين يقال: سلام على نوح في العالمين أي: تركنا عليه هذه الكلمة باقية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن من شيعته لإبراهيم أي: هو على دينه ومنهاجه، والهاء في {شيعته} لنوح، وقال الفراء: هي لمحمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إذ جاء ربه بقلب سليم أي: سليم من الشرك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أإفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين أي: فما ظنكم به وقد عبدتم غيره؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم قال ابن زيد: قال له قومه: تحضر معنا عيدنا، فنظر إلى نجم طالع، فقال: إن هذا النجم لم يطلع قط إلا لسقمي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن : المعنى: أنهم لما كلفوه الخروج معهم; تفكر فيما يعمل; فالمعنى [ ص: 446 ] على هذا: أنه نظر فيما نجم له من الرأي; أي: فيما طلع له منه، فعلم أن كل حي يسقم، فقال: إني سقيم.

                                                                                                                                                                                                                                      الخليل، والمبرد: يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره: (نظر في النجوم).

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تعتاده فيها الحمى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: نظر فيما نجم من الأشياء، فعلم أن لها خالقا ومدبرا، وأنها تتغير، وأنه يتغير كتغيرها، فقال: إني سقيم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير، والضحاك: معنى فقال إني سقيم مطعون، وكانوا يهربون من الطاعون، ودل على ذلك قوله: فتولوا عنه مدبرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فراغ عليهم ضربا باليمين أي: بيده اليمنى، وقيل: بقوته، وقيل: بيمينه التي حلف بها؛ إذ قال: وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين [الأنبياء: 57].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأقبلوا إليه يزفون أي: يسرعون، عن ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة والسدي : [يمشون، وقيل: المعنى يمشون] بجمعهم على مهل، آمنين أن يصيب أحد [ ص: 447 ] آلهتهم بضر، وقيل: المعنى: يتسللون تسللا بين المشي والعدو، ومنه: (زفيف النعامة).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {يزفون} فمعناه: يزفون غيرهم، أي: يحملونهم على الزفيف، وقيل: هما لغتان، يقال: (زف القوم، وأزفوا) و (زففت العروس، وأزففتها).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {يزفون} بالتخفيف، فهو من (وزف) إذا أسرع، ويجوز أن يكون أصلها: {يزفون} فخففت; استثقالا للتضعيف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قال أتعبدون ما تنحتون : [يعني: الأصنام التي نحتوها بأيديهم].

                                                                                                                                                                                                                                      والله خلقكم وما تعملون : قيل: معناه: خلقكم وما تعملون منه الأصنام; يعني: الخشب، والحجارة، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن {ما} استفهام; ومعناه: التحقير لعملهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي نفي; والمعنى: وما تعملون ذلك، لكن الله خالقه.

                                                                                                                                                                                                                                      والأحسن أن تكون {ما} مع الفعل مصدرا، والتقدير: والله خلقكم وعملكم [ ص: 448 ] وهو مذهب أهل السنة: أن الأفعال خلق لله عز وجل، واكتساب للعباد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين يعني: هجرته إلى بيت المقدس، وقال قتادة : [ذاهب بعمله، وقلبه ونيته] وقيل: قال ذلك حين أرادوا إلقاءه في النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فبشرناه بغلام حليم يعني: إذا كبر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلما بلغ معه السعي أي: شب، وبلغ العمل، عن مجاهد ، غيره: بلغ ثلاث عشرة سنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إني أرى في المنام أني أذبحك يعني: أنه أمر بذلك في منامه.

                                                                                                                                                                                                                                      فانظر ماذا ترى أي: تشير به، فقال له الذبيح: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين .

                                                                                                                                                                                                                                      والذبيح مختلف فيه، روي عن ابن عباس ، وابن عمر، وغيرهما: أنه إسماعيل، وروي عن علي، وابن مسعود وغيرهما أنه إسحاق، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية