وقوله: وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين إن كانت إلا صيحة واحدة : [أي: ما أنزلنا عليهم من رسالة ولا نبي بعد قتله، قاله و قتادة . مجاهد
المعنى: أنهم أهلكوا بصيحة واحدة، ولم يبعث إليهم جند من السماء. ابن مسعود:
و {ما} في قوله: وما كنا منزلين : قيل: هي نفي، وقيل: هي اسم في موضع جر على العطف [على {جند} أو في موضع نصب; على العطف] على موضع {جند} والتقدير فيه: وما كنا منزلين على الأمم الكافرة من العذاب، وإنما أخذتهم صيحة واحدة; فهلكوا.
وأكثر المفسرين على أن الرسل كانوا من الحواريين، أرسلهم الله بعد عيسى إلى أنطاكية.
يا حسرة على العباد : (الحسرة) في اللغة: أن يلحق الإنسان من الندم [ ص: 388 ] ما يصير به حسيرا، ومعنى النداء: هذا موضع حضور الحسرة. وقوله:
المعنى: يا حسرة من العباد على أنفسهم، وتندما، وتلهفا في استهزائهم برسل الله عز وجل. الطبري:
: ابن عباس يا حسرة على العباد أي: يا ويلا على العباد.
{العباد} ههنا: الرسل، لما رأى الكفار العذاب; قالوا: أبو العالية: يا حسرة على العباد ، فتحسروا على قتلهم إياهم، وترك الإيمان بهم.
وقوله: ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون : قال (أن) بدل من {كم} والمعنى: ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم إليهم لا يرجعون؟! سيبويه:
وقوله: وآية لهم الأرض الميتة : نبههم الله تعالى بهذا على بعث الموتى.
وقوله: ليأكلوا من ثمره : [الهاء في {ثمره} تعود على ماء العيون; لأن الثمر منه اندرج].
وما عملته أيديهم : قال : المعنى: ولم تعمله أيديهم، غيره: المعنى، والذي عملته أيديهم. ابن عباس
[ ص: 389 ] وقوله: سبحان الذي خلق الأزواج كلها أي: الأصناف.
وقوله: وآية لهم الليل نسلخ منه النهار أي نخرجه منه: وقيل: إن {منه} بمعنى: عنه; فالمعنى: نسلخ عنه ضياء النهار.
وقوله: فإذا هم مظلمون أي: داخلون في الإظلام.
والشمس تجري لمستقر لها أي: لموضع قرارها، وقوله: وقيل: المعنى: تجري إلى أبعد منازلها في المغرب، ثم ترجع لا تجاوزه، وفي الخبر: قال أبو ذر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مستقرها تحت العرش». «إنها تذهب، فتسجد بين يدي ربها، ثم تستأذن في الرجوع، فيؤذن لها».
ومن قرأ: {لا مستقر لها} فمعناه أنها لا تثبت في موضع واحد، بل هي كل ليلة في موضع غير الموضع الذي كانت في الليلة التي قبلها فيه.
وقوله: والقمر قدرناه منازل أي: ذا منازل، وقيل: المعنى: قدرنا له منازل.
حتى عاد كالعرجون القديم : قال : هو العذق اليابس المنحني من النخلة. قتادة
[ ص: 390 ] وقوله: لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر أي: إذا طلعت الشمس لم يكن للقمر ضوء، وإذا طلع القمر لم يكن للشمس ضوء، روي معناه عن ابن عباس ، وعن والضحاك أيضا: المعنى: أنهما إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر، وإذا غابا غاب أحدهما بين يدي الآخر. ابن عباس
: المعنى: لكل واحد حد وعلم لا يعدوه، ولا يقصر دونه، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا. قتادة
وقيل: المعنى: أن القمر في السماء الدنيا، والشمس في السماء الرابعة، فلا يدرك أحدهما الآخر.
وقيل: المعنى: أن سير القمر سريع، وسير الشمس بطيء، فهي لا تدركه.
وقوله: ولا الليل سابق النهار أي: كل منهما يجيء في وقته، ولا يسبق صاحبه، واستدل بعض أهل التأويل بهذه الآية على أن النهار خلق قبل الليل، وقيل: المعنى: أن الليل لا يفوت النهار بظلمته; فتكون الأوقات كلها ليلا.
وقوله: وكل في فلك يسبحون أي: يسيرون، وأخبر عنهما كما يخبر [ ص: 391 ] عمن يعقل; على ما قدمناه في غير موضع من الكتاب.
وقوله: وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون : قيل: المعنى: وآية لأهل مكة أنا حملنا ذرية القرون الماضية في الفلك المشحون، فالضميران مختلفان، وقيل: إن الضميرين جميعا لأهل مكة، على أن تكون {ذريتهم} أولادهم وضعفاءهم، أو على أن تكون {ذريتهم} آباءهم، سموا {ذرية} من (ذرأ الله الخلق) فالآباء على هذا ذرية، والأبناء ذرية، فـ {الفلك} -على القول الأول- سفينة نوح -عليه السلام- وكذلك إن جعل معنى {ذريتهم} آباءهم، وعلى قول من قال: إن المعنى: ذرية أهل مكة; يكون {الفلك} اسما للجنس.
و {المشحون}: الموقر، عن ابن عباس، : المحمول. الحسن
وقوله: وخلقنا لهم من مثله ما يركبون يعني: السفن الصغار، عن ابن عباس وغيرهما. والحسن
وغيره: هي السفن المتخذة بعد سفينة الضحاك نوح عليه السلام.
مجاهد : يعني: الإبل، وروي ذلك أيضا عن وعكرمة . ابن عباس
وقوله: وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون الصريخ: المعين عند الصراخ بالاستغاثة، وروي معناه عن فـ {صريخ} بمعنى: مصرخ. قتادة،
[ ص: 392 ] وقوله: { إلا رحمة منا } معناه: إلا برحمة منا ومتاع إلى حين، وهو عند وغيره: استثناء، وعند الكسائي مفعول له. الزجاج: