الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      من قرأ: {فليعلمن الله الذين صدقوا} ; جاز أن يكون المعنى: ليعلمنهم ثواب صدقهم، وليعلمن الكاذبين عقاب كذبهم، وجاز أن يكون المعنى: ليجعلن لهم علامة يعرفون بها; من قولهم: (ثوب معلم ) وجاز أن يكون على تقدير حذف المفعول الأول; كأنه قال: فليعلمن الله الناس الذين صدقوا، وليعلمنهم الكاذبين; يعني: في يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ساء ما يحكمون : يجوز أن تكون {ما} معرفة في موضع رفع; التقدير: ساء الشيء الذي يحكمونه، يجوز أن تكون [نكرة في موضع نصب]; التقدير: ساء شيئا يحكمونه.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن كيسان: {ما} والفعل مصدر في موضع رفع، التقدير: ساء حكمهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ووصينا الإنسان بوالديه حسنا : تقديره: ووصيناه أمرا ذا حسن; فأقيمت الصفة مقام الموصوف، وحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ {إحسانا} ; فهو مصدر; التقدير: أن يحسن إليهما إحسانا،

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 186 ] ولا ينتصب بـ {وصينا} ; لأنه قد استوفى مفعوليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وإبراهيم إذ قال لقومه : {إبراهيم} : معطوف على (نوح ) ، أو على الهاء في (أنجيناه ) ، أو منصوب بإضمار فعل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وتخلقون إفكا : من قرأ: {وتخلقون} ; فالأصل: تتخلقون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ {أفكا} ; جاز أن يكون مصدرا; كـ (الكذب ) ، و (الضحك ) ، أو صفة لمصدر محذوف; أي: تكذبون كذبا أفكا; فحذف المصدر، وأقيمت صفته مقامه; فـ (الأفك ) - على هذا - صفة; كـ (البطر ) و (الأشر ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون اسم الفاعل من (أفك يأفك ) ، فهو (آفك ) ، فحذفت الألف منه، حسب ما تقدم في أمثاله.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {كيف يبدا الله الخلق} ; فالأصل: (يبدأ ) ; بالهمزة، فخففت بالبدل على غير قياس.

                                                                                                                                                                                                                                      و {النشأة} و {النشآءة} ; كـ (الرأفة ) و (الرآفة ) وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 187 ] ومن قرأ: {مودة بينكم} ; جاز أن تكون (ما ) من قوله: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا اسم (إن ) ، و {مودة} : الخبر، والعائد إلى (ما ) محذوف; التقدير: إن الذين اتخذتموهم من دون الله أوثانا ذوو مودة بينكم، ويجوز أن ترتفع {مودة} [على أنها خبر مبتدأ محذوف; التقدير: هو مودة بينكم، أو] بالابتداء، والخبر: في الحياة الدنيا ، والجملة خبر (إن ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {مودة بينكم} ; نصب {بينكم} على أنه ظرف، وهو الأصل، والإضافة على الاتساع، والعامل في الظرف: (المودة ) . ويجوز أن ينتصب {بينكم} على الصفة للمصدر [الذي هو {مودة} ، في قراءة من نصبها]; لأنها نكرة، والنكرات توصف بالظروف، والجمل، والأفعال، ويكون في {بينكم} ذكر يعود إلى الموصوف. ومن نصب {مودة} ; فـ (ما ) كافة، و {أوثانا} : مفعول {اتخذتم} ، والمفعول الثاني محذوف; التقدير: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا آلهة، و {مودة} : مفعول من أجلها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 188 ] وإذا قدرت نصب {بينكم} على الظرف; جاز أن يكون قوله: في الحياة الدنيا ، ظرفا لـ (المودة ) أيضا، فيتعلق بـ (المودة ) ظرفان: {بينكم} ; وهو ظرف مكان، و في الحياة الدنيا ; وهو ظرف زمان; تقديره: في وقت الحياة الدنيا، وليس في واحد من الظرفين ذكر، ولا يمتنع تعلق الظرفين بعامل واحد; لأنهما مختلفان، وإنما يمتنع ذلك لو كانا متفقين. وإن قدرت {بينكم} صفة للمصدر الذي هو {مودة} ; جاز أن يكون ظرف الزمان حالا من الذكر الذي في {بينكم} ، [والذكر يعود إلى (المودة ) ، فيتعلق إذا كان حالا بمحذوف، ويكون فيه ذكر يعود إلى الضمير الذي في {بينكم} ]; وهو ذو الحال، والعامل في الحال الظرف; وهو {بينكم} . ويجوز أن يكون {بينكم} صفة لـ (المودة ) ، [وظرف الزمان متعلقا بالمودة]; لأن الظروف يعمل فيها المعنى، ولا يجوز أن تعمل {مودة} في قوله: في الحياة الدنيا وهو حال من المضمر في {بينكم} ; لأن المصدر لا يعمل بعد الصفة، وقد وصف بقوله: {بينكم} ; إذ المعمول فيه داخل في [ ص: 189 ] الصلة، والصفة غير داخلة في الصلة، ففيه التفرقة بين الصلة والموصول.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون كل واحد من قوله: {بينكم} و في الحياة الدنيا صفة لـ {مودة} ، فيكون في كل واحد منهما ضمير يعود إلى (المودة ) ، والعامل فيهما المحذوف الذي هو صفة على الحقيقة، وهو الذي كان فيه الضمير، فلما قام الظرف مقامه; انتقل الضمير إليه، كما ينتقل إلى الظروف إذا كانت أخبارا للمبتدأ; والتقدير: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة مستقرة بينكم ثابتة في الحياة الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية