الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 410 ] الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وكذلك ننجي المؤمنين : من قرأ: {نجي المؤمنين}; فالوجه فيه: أن تكون النون أخفيت، فظن السامع أنه إدغام، [وقيل: إنه إدغام]، وهو بعيد; لأن النون لا تدغم في الجيم.

                                                                                                                                                                                                                                      علي بن سليمان: الأصل: (ننجي) ، فحذفت النون الثانية; لاجتماع النونين، وقيل: هو على إضمار المصدر; والتقدير: نجي النجاء المؤمنين; كما قال: [من الوافر].


                                                                                                                                                                                                                                      ولو ولدت فقيرة جرو كلب لسب بذلك الجرو الكلابا

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا أيضا بعيد; لأن المصدر إنما يقام مقام الفاعل عند عدم المفعول به واشتغاله بحرف الجر، مع ما في إسكان الياء من البعد.

                                                                                                                                                                                                                                      وجعلناها وابنها آية للعالمين آية} : مفعول ثان لـ (جعل) ; والتقدير: وجعلناها آية، وجعلنا ابنها آية; فحذف الأول; لدلالة الثاني عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو عند المبرد: على التقديم والتأخير; التقدير عنده: وجعلناها آية للعالمين وابنها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 411 ] والنصب في {أمة} من قوله: إن هذه أمتكم أمة واحدة على الحال، وقد تقدم القول في مثله، فأما الرفع; فيجوز أن يكون على البدل من {أمتكم} ، أو على إضمار مبتدأ، أو يكون خبرا بعد خبر.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو نصبت {أمتكم} على البدل من {هذه} ; لجاز، وتكون {أمة واحدة} خبر {إن} .

                                                                                                                                                                                                                                      و(الحرام) و(الحرم) : لغتان; كـ (الحلال) و(الحل) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وحرم} ; فهو ماض من (حرم) ; كـ (قلق) من (قلق) ; والمعنى: ووجب على قرية، حسب ما قدمناه في التفسير، وحكى أهل اللغة: (حرم زيد; فهو حرم، وحارم) ; إذا قمر ماله.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وحرم} ; فظاهر المعنى: حرم عليهم الرجوع بعد الإهلاك، أو [ ص: 412 ] حرم عليهم الرجوع إلى التوبة; إذ قد سبق في علم الله تعالى إهلاكهم على الكفر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وحرم} ; فمعناه: واجب.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وحرم} ; فهو من حرمته الشيء; إذا منعته إياه، وهو راجع إلى معنى التحريم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وحرم} ; فهو مخفف من (حرم) ، أو (حرم) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {من كل جدث}; فهو القبر، وهي لغة حجازية، وبنو تميم يقولون: (جدف) ; بالفاء، و(الحدب) قد تقدم ذكره في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      وضم السين وكسرها في: {ينسلون} : لغتان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واقترب الوعد الحق : معطوف على الفعل الذي هو شرط، وجواب الشرط: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ، وموضع {إذا} نصب بالمعنى الذي دل عليه قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ; لأنه يدل على: شخصت أبصارهم، وقوله: وهم من كل حدب ينسلون : جملة في موضع الحال من {فتحت} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن جواب الشرط قوله: واقترب الوعد الحق ، على تقدير زيادة الواو.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 413 ] وقيل: الجواب محذوف، والتقدير: قالوا: يا ويلنا .

                                                                                                                                                                                                                                      و {هى} من قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ضمير (الأبصار) ، والأبصار المذكورة بعدها تفسير لها; كأنه قال: فإذا أبصار الكافرين قد شخصت عند مجيء الوعد، يقولون: يا ويلنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن {هي} عماد، وفيه بعد.

                                                                                                                                                                                                                                      و(الحصب) و(الحضب) : لغتان في (الحطب) ، وإسكان الصاد على أنه اسم واقع موقع اسم المفعول; كـ (الضرب) في موضع (المضروب) ، وقد تقدم ذكره.

                                                                                                                                                                                                                                      يوم نطوي السماء : انتصاب {يوم} على البدل من الهاء المحذوفة في الصلة; التقدير: الذي كنتم توعدونه يوم نطوي السماء، أو يكون منصوبا بـ (نعيد) ، من قوله: كما بدأنا أول خلق نعيده ، أو على إضمار (اذكر) .

                                                                                                                                                                                                                                      وما في {السجل} من القراءات لغات، وقد تقدم معناه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قال: إنك ملك، أو رجل; فالمصدر- على قوله- مضاف إلى الفاعل، واللام في {للكتاب} زائدة; التقدير: كما يطوي الملك أو الرجل الكتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قال: إن {السجل} الصحيفة; فالمصدر- على قوله- مضاف إلى [ ص: 414 ] المفعول، والفاعل محذوف; والتقدير: كما يطوي الطاوي الصحيفة من أجل الكتاب الذي فيها، أو على الكتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      والإفراد والجمع في (الكتاب) ظاهران، وقد تقدم القول في مثله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فقل آذنتكم على سواء : يجوز أن يكون على سواء في موضع الحال من الفاعل; وهو النبي عليه الصلاة والسلام، أو من المفعولين; وهم المخاطبون.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون موضعه نصبا بأنه نعت لمصدر محذوف; كأنه قال: آذنتكم إيذانا على سواء.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن حرك الياء في قوله: وإن أدري ; ففيه بعد; لأنها لام الفعل، ولا ناصب قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو الفتح: كأن من حركها شبهها بياء (غلامي) ; من حيث كان في كل واحد منهما ضمير مرفوع، فحملوه عليه; كما حمل (مصائب) على (صحائف) ، فهمزت عين الفعل; كما يهمز الزائد; لما أشبهتها في اللفظ والموضع.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {رب احكم بالحق}; بضم الباء; ففيه بعد; لأنه حمل على [ ص: 415 ] حذف (يا) التي للنداء، وحذفها مع الاسم الذي يجوز أن يكون وصفا لـ (أي) ضعيف.

                                                                                                                                                                                                                                      قال البصريون: لم يكونوا ليجمعوا عليه حذف موصوفه- وهو (أي) - وحذف حرف النداء، وهو جائز على بعد، وتقدم القول في مثله.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ربي أحكم بالحق}; فظاهر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ربي أحكم}; فمعناه: أحكم الأمور بالحق.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مكية، وعددها في الكوفي: مئة آية، واثنتا عشرة آية، وفي بقية الأعداد: إحدى عشرة آية.

                                                                                                                                                                                                                                      عد الكوفي: ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم [66]، ولم يعده من سواه.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية