قراءة من قرأ : {إن هذين لساحران} ظاهرة .
ومن قرأ : إن هذان ؛ بتخفيف {إن} ؛ فمذهب : أنها {إن} المخففة من الثقيلة ، وما بعدها مرفوع بالابتداء ، رجع ما بعدها إلى أصله حين انتقض بناؤها ، ودخول اللام في خبر المبتدأ كقوله : [من الرجز ] . سيبويه
أم الحليس لعجوز شهربه
ترضى من الشاة بعظم الرقبه
وقال آخر : [من الكامل ]خالي لأنت ومن جرير خاله ينل السماء ويكرم الأخوالا
ومذهب الكوفيين : أن {إن} بمعنى : (ما ) ، واللام بمعنى (إلا ) ؛ والتقدير : ما هذان إلا ساحران .
ومن قرأ : {إن هذان} ؛ جاز أن يكون على لغة بلحارث بن كعب ؛ فإنهم يثنون بالألف على كل حال ؛ فيقولون : (ضربت الزيدان ) ، و (مررت بالزيدان ) ، و (جاءني الزيدان ) ، حكاه أبو زيد ، ، والأخفش ، والكسائي . والفراء
وحكى : أنها لغة أبو الخطاب لبني كنانة ، وحكى غيره : أنها لغة لخثعم ، [ ص: 332 ] ومثله قول الشاعر : [من الطويل ]
تزود منا بين أذناه ضربة .....................
ويجوز أن تكون {إن} بمعنى : (نعم ) ، وما بعدها مرفوع بالابتداء .
والقول في دخول اللام في {لساحران} على ما تقدم ؛ ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ، ومثله قول الشاعر : [من البسيط ] . "إن الحمد لله نستعينه "
قالوا غدرت فقلت إن وربما نال العلا وشفى الغليل الغادر
ليت شعري هل للمحب شفاء من جوى حبهن إن اللقاء
: الألف في هذا دعامة ، ليست بلام الفعل ، فزدت عليها نونا ولم أغيرها ؛ كما زدت على الياء من (الذي ) ؛ فقلت : (الذين ) في كل حال . الفراء
بعض الكوفيين : الألف في {هذان} مشبهة بألف (يفعلان ) ، فلم تغير ؛ كما لم تغير .
الجرجاني : لما كان (ذا ) اسما على حرفين أحدهما حرف مد ولين ، وهو كالحركة ، ووجب حذف إحدى الألفين في التثنية ؛ لم يحسن حذف الأولى ؛ لئلا يبقى الاسم على حرف ، فحذف علم التثنية ، وكانت النون تدل على التثنية ، فهي عوض منها ، تقوم مقامها في الدلالة على التثنية ، ولم يكن لتغيير الألف الأصلية وجه ؛ فثبتت في كل حال ؛ كما تثبت في الواحد .
أبو علي : كون {إن} الناصبة للاسم أشبه بما قيل وما بعد ؛ فقبله قوله : {فتنازعوا أمرهم ؛ فالتنازع إنما هو في أمر موسى وهارون ؛ هل هما ساحران [ ص: 334 ] على ما ظنوا ؟ وبعده : يريدان أن يخرجاكم ؛ فهذا يؤكد أنها الناصبة للاسم ، مع ما في دخول اللام في الخبر من البعد إذا جعل ابتداء وخبرا ، قال : ومن زعم أن الألف في {هذان} هي الألف في (هذا ) ؛ فليس بمستقيم ، ولو كانت كذلك ؛ لم تنقلب ياء في قولك : (هذين ) ، فانقلابها يدل على أنها ألف تثنية ، ويدل على أن ألف (هذا ) محذوفة ، وأن الألف للتثنية : قولهم في تثنية (الذي ) : (اللذان ) ؛ وكما حذفت الياء ؛ كذلك حذفت الألف .
وقد روي عن عثمان رضي الله عنهما أنهما قالا : (إن في الكتاب غلطا ستقيمه العرب بألسنتها ) ؛ فحمل بعض الناس قوله : {إن هذان} وشبهه على هذا [ ص: 335 ] الخبر ، وأباه بعضهم ، وتأولوه ؛ في نحو زيادة الألف في : وعائشة لإلى الله تحشرون [آل عمران : 158 ] ، ولأوضعوا خلالكم [التوبة : 47 ] ، وشبه ذلك ، وقد ذكرته في خط المصحف في "الكبير " .