: الإعراب
من قرأ : {وما يتنزل} ؛ بالياء ؛ أراد الوحي ، أو جبريل عليه السلام ، والنون على إخبار الملائكة عن أنفسهم .
وقوله : ثم لننـزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا : أصل (أي ) عند البناء على الضم ؛ لأنها بمنزلة (الذي ) ، و (ما ) ، إلا أنها خالفتهما في جواز [ ص: 284 ] الإضافة فيها ، فأعربت لذلك ، فلما حذف من صلتها ما يعود عليها ؛ لم تقو ، فرجعت إلى البناء الذي هو أصلها ؛ فـ (أي ) مبنية ههنا ؛ والتقدير : ثم لننزعن من كل شيعة أيهم هو أشد على الرحمن عتيا ، ولو ظهر هذا الضمير ، لم يجز البناء عنده ، وحذفه مع (أي ) أكثر من حذفه مع (الذي ) . سيبويه
: وحكى الزجاج أيضا : أن المعنى : ثم لننزعن من كل شيعة الذين يقال لهم : أيهم أشد على الرحمن عتيا ؟ والذي أتوهمه أن القول فيه قول سيبويه الخليل : إن التقدير : ثم لننزعن من كل شيعة الذي من أجله يقال : أي هؤلاء أشد على الرحمن عتيا ؟ .
أبو علي : إنما وجب البناء على مذهب ؛ لأنه حذف منه ما يتعرف به ؛ وهو الضمير ، مع افتقار الكلام [إليه ؛ كما حذف في سيبويه من قبل ومن بعد [الروم : 4 ] ما يتعرفان به ، مع افتقار المضاف ] إلى المضاف إليه ؛ لأن الصلة تبين الموصول وتوضحه ، كما أن المضاف يبين المضاف إليه ويخصصه .
وذهب يونس إلى أن (أيا ) مرفوعة بالابتداء ، والفعل الذي هو [ ص: 285 ] {لننـزعن} معلق .
أبو علي : معنى ذلك : أنه معمل في موضع من كل شيعة ، لا أنه ملغى ، ولو أراد أنه لا يعمل شيئا ألبتة ؛ لقال : ملغى ؛ كما يقال في نحو : (زيد ظننت منطلق ) : إنه ملغى ، ولا يعلق عند الخليل مثل : {لننـزعن} ؛ إنما تعلق أفعال الشك وشبهها مما لم يتحقق وقوعه . وسيبويه
الكسائي : {لننـزعن} : واقعة على المعنى ؛ كقولك : (لبست من الثياب ) ، و (أكلت من الطعام ) ، فالفعل عنده واقع على موضع من كل شيعة ، على ما تقدم ، وقوله : أيهم أشد : جملة مستأنفة مرتفعة بالابتداء ، ولا يرى زيادة (من ) في الواجب . سيبويه
: معنى {لننـزعن} : لننادين ، و (نادى ) : فعل يعلق إذا كان بعده جملة ؛ كـ (ظننت ) ، فيعمل في المعنى ، ولا يعمل في اللفظ . الفراء
بعض الكوفيين : إنما لم يعمل {لننـزعن} في {أيهم} ؛ لأن فيها معنى الشرط والمجازاة ، فلم يعمل ما قبلها فيها ؛ والمعنى : لننزعن من كل شيعة ، إن تشايعوا ، أو لم يتشايعوا ؛ كقوله : (ضربت القوم أيهم غضب ) ؛ أي : إن غضبوا ، أو لم يغضبوا .
المبرد : ارتفع {أيهم} ؛ لأنه متعلق بـ {شيعة} ، لا بـ (ننزعن ) ؛ فالمعنى : لننزعن من الذين تشايعوا أيهم ؛ أي : من الذين تعاونوا فنظروا أيهم أشد .
[ ص: 286 ] ومن نصب ؛ أعمل فيها {لننـزعن} ، وكأنه قال : لننزعن من كل شيعة الأعتى فالأعتى منهم ، كأنه يبدأ بالتعذيب بأشدهم عتيا ، ثم الذي يليه .
وتقدم الهمز وتركه في قوله : {وريا} ، والزاي .
ومن قرأ : (وريا ) ؛ بياء خفيفة ؛ جاز أن يكون أصلها الهمز ، فقلبت الهمزة ياء ، ثم حذفت إحدى الياءين ، والأشبه أن تكون المحذوفة الثانية ؛ إذ بها وقع الاستثقال .
ويجوز أن يكون (رئيا ) ، قلبت ، فصارت (ريئا ) ، ثم ألقيت حركة الهمزة على الياء ، وحذفت ، وقد قرأ بعضهم : (وريئا ) ؛ على القلب .
وقوله : إما العذاب وإما الساعة : منصوبان على البدل من {ما} في قوله : حتى إذا رأوا ما يوعدون ، و {إما} الثانية هي العاطفة ، ودخلت الأولى لتنبه على الشك ، ودخلت الواو ؛ لتدل على أن {إما} الثانية هي الأولى ، وليست بعاطفة .
ابن كيسان : {إما} : للشك والتخيير ، والواو هي العاطفة ، وذلك غير مستقيم ؛ لأن العاطف لا يدخل على عاطف .
وأجاز أن تأتي {إما} مفردة غير مكررة بمنزلة (أو ) . الفراء
[ ص: 287 ] و (الولد ) : يجوز أن يكون جمع (ولد ) ؛ كـ (أسد ، وأسد ) ، ويجوز أن يكون واحدا ، فيكون (الولد ) و (الولد ) ؛ كـ (البخل ) و (البخل ) .
ونرثه ما يقول : موضع {ما} نصب [على أنه مفعول به ، والضمير في {نرثه} نصب ] بحذف الجار ؛ والمعنى ، ونرث منه ما يقول :
ومن نون [ {كلا} من قوله ] : كلا سيكفرون مع فتح الكاف ؛ فهو مصدر (كل ) ، ونصبه بفعل مضمر ؛ والمعنى : كل هذا الرأي كلا ؛ يعني اتخاذهم الآلهة ؛ ليكونوا لهم عزا ، فيوقف على هذا على {عزا} ، وعلى (كلا ) ، وكذلك في قراءة الجماعة ؛ لأنها تصلح للرد لما قبلها ، والتحقيق لما بعدها ، على ما قدمناه .
ومن روى ضم الكاف مع التنوين ؛ فهو منصوب أيضا بفعل مضمر ؛ كأنه قال : سيتركون كلا ، سيكفرون بعبادتهم ؛ يعني : الآلهة .
[ ص: 288 ] وقوله : إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا : من نون ونصب ؛ فهو الأصل ، ومن أضاف ؛ فعلى الاستخفاف .
* * *