الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : قال هذا رحمة من ربي أي : هذا التمكين رحمة من ربي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : جعله دكاء أي : لاصقا بالأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض : قيل : يوم يخرجون من السد ، وقيل : يوم فراغ ذي القرنين من عمله ، فالضمير على هذين القولين ليأجوج ومأجوج .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 229 ] وقيل : معنى ذلك : يوم القيامة ، فيكون الضمير على هذا لجميع الخلق .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {يموج} : يضطرب ، ومنه : الموج في البحر ، فشبه حالهم بحال الماء المضطرب موجه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : "أن الصور ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ، ونفخة القيام لرب العالمين " .

                                                                                                                                                                                                                                      وروي : أن جهنم تعرض عليهم يومئذ كهيئة السراب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري : يريد : أعين قلوبهم ؛ لأن أعين الأبصار لا ترى الذكر ؛ لأنه ليس بشخص .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وكانوا لا يستطيعون سمعا أي : كانوا لشدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم لا يستطيعون أن يسمعوا منه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء يعني : من عبد الآلهة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إنا أعتدنا جهنم للكافرين نـزلا أي : منزلا : وقيل : (النزل ) : الطعام .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 230 ] وقوله : قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا : روي عن علي رضي الله عنه : أنها في أهل الكتاب ، وعنه أيضا : أنها في الرهبان ، وعنه أيضا : أنها في أهل حروراء من الخوارج ، وقيل : هي في الصابئين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا : قيل : هو تمثيل ؛ للتحقير بالكافر .

                                                                                                                                                                                                                                      وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "يؤتى يوم القيامة بالرجل العظيم ، الأكول ، الشروب ، فلا يزن جناح بعوضة ، اقرؤوا إن شئتم : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : كانت لهم جنات الفردوس نـزلا : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الفردوس أعلى الجنة وأوسطها ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تتفجر أنهار الجنة " .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو هريرة : {الفردوس} : جبل في الجنة ، يتفجر منه أنهارها .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : هو البستان بالرومية .

                                                                                                                                                                                                                                      كعب الأحبار : {الفردوس} : الذي فيه الأعناب .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : هو أطيب موضع في الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : {الفردوس} : الأودية التي تنبت ضروبا من النبات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى : كانت لهم جنات الفردوس نـزلا : أي منازل .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 231 ] وقوله : لا يبغون عنها حولا : قال مجاهد : أي متحولا ، وقيل : هو من الحيلة ؛ ومعناه : لا يحتالون في غيرها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي : قال مجاهد : يعني : العلم .

                                                                                                                                                                                                                                      ولو جئنا بمثله مددا : أي : ولو مددنا البحر بمثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا : قال ابن المبارك : المعنى : فمن كان يرجو النظر إلى ربه ؛ فـ {يرجو} بمعنى : يطمع .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير : يرجو ثواب لقاء ربه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : فمن كان يخاف لقاء ربه ؛ أي : يخاف عقابه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا يشرك بعبادة ربه أحدا : قال مجاهد ، والحسن ، وابن جبير : يعني : الرياء .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : المعنى : لا يعبد غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      و (الرياء ) عند العلماء ، الشرك الأصغر ، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم شركا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعض العلماء : إنما الرياء في التطوع ، فأما الفرائض ؛ فلا رياء فيها ؛ لتساوي الناس في وجوب أدائها وإظهارها ، فما عرض فيها من ذلك ؛ فهو خاطر ، وليس برياء .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 232 ] وقال بعض العلماء : لا رياء في أهل السنة ؛ لأنهم يعتقدون أن أعمالهم من من الله تعالى عليهم ، وتوفيق منه لهم ، بخلاف ما تعتقده القدرية من أن أعمالهم من أنفسهم ، وباستطاعتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية