: الإعراب
من فتح الميم الثانية من مجمع البحرين ؛ فهو الأصل من (فعل يفعل ) في المكان والزمان ؛ نحو : (ذهبت مذهبا ) ؛ إذا أردت : ذهابا ، أو مكانا تذهب فيه ، وقد جاء (المفعل ) بالكسر موضع المفتوح ؛ نحو : (المشرق ) ، و (المغرب ) ، [ ص: 219 ] و (المنسك ) ، و (المطلع ) ، فهذا منه في من كسر الميم .
وقوله : فاتخذ سبيله في البحر سربا : يجوز أن ينتصب قوله : {سربا} على أنه مفعول ثان لــــ(اتخذ ) ؛ كما تقول : (اتخذت طريقي مكان كذا وكذا ) ، ويجوز أن يكون مصدرا يدل عليه (اتخذ ) ؛ كأنه قال : (سرب الحوت سربا ) .
وقوله : واتخذ سبيله في البحر عجبا : يجوز أن يكون {عجبا} مفعولا ثانيا لـ {اتخذ} ؛ المعنى : واتخذ يوشع أو موسى سبيل الحوت في البحر عجبا ، ويجوز أن يكون مصدرا ، كأن يوشع لما قال : واتخذ سبيله في البحر} ؛ قال موسى : {عجبا} ! أي : أعجب عجبا ! فيوقف على هذا على : في البحر .
ويجوز أن يكون {عجبا} نعتا لمفعول ، كأنه قال : يفعل شيئا عجبا .
فارتدا على آثارهما قصصا : مصدر ؛ أي : رجعا يقصان الأثر قصصا .
وقوله : {على أن تعلمن مما علمت رشدا : {رشدا} مفعول لـ {تعلمن} ؛ والتقدير : تعلمني أمرا ذا رشد ، ويجوز أن يكون مفعولا له ؛ على معنى : هل أتبعك للرشد على أن تعلمني ؟ لقد جئت شيئا نكرا : يجوز أن يكون المعنى : لقد أتيت شيئا نكرا ، فيكون مفعولا ، ويجوز أن يكون على تقدير حذف حرف الجر ؛ المعنى : لقد جئت بشيء نكر .
[ ص: 220 ] ومن خفف النون من {لدني} ؛ فإنه حذف النون الزائدة التي تصحب ياء الإضافة ؛ لاجتماع المثلين ، ولا تكون المحذوفة الأولى ؛ بدلالة أنها ترد مع علامة المضمر ؛ نحو : {لدنه} ، والمضمر يرد معه الأصل ، ولا تحذف النون من نحو : (مني ) و (عني ) كما حذفت من (لدني ) ؛ لأن (من ) و (عن ) حرفان ، والحذف في الأسماء أكثر .
ومن قرأ : {لدني} ؛ أسكن الدال تخفيفا ، ومن أشم الضم ؛ فليدل على الضمة حين أسكن .
ومن قرأ : {لدني} ؛ نقل ضمة الدال إلى اللام ، ولا بد لمن أسكن الدال من حذف النون التي تزاد مع الضمير ؛ لأنها إن لم تحذف ؛ أدغمت فيها الأصلية ، فلزم تحريك الدال ؛ لالتقاء الساكنين ، [فتحذف ؛ لالتقاء الساكنين] ، كما تحذف في (لد الحائط ) .
[ ص: 221 ] ومن قرأ : {جدارا يريد أن ينقض} ؛ فالمعنى : قارب أن ينقض .
ومن قرأ : {ينقاص} ؛ فهو مثل : (انقاصت البيضة ) ؛ أي : انفلقت .
ومن قرأ : {ينقض} ؛ جاز أن يكون (يفعل ) ؛ من (نقضت الشيء ) ، وجاز أن يكون (ينفعل ) من (القض ) ؛ وهو التراب والحصى الصغار .
أبو زيد : يقال : (طعام قضيض ) ؛ إذا كانت فيه القضة ؛ [يعني : الحصى الصغار ] .
{لتخذت عليه أجرا} : من قرأ {لتخذت} ؛ فهو من (تخذ يتخذ ) ، يقال : (تخذ ) ، و (اتخذ ) ، وحكى : (استخذ ) ؛ على أن السين بدل من تاء ، والأصل : (اتخذ ) ، أو على أن الأصل : (استتخذ ) ؛ فحذفت التاء الأولى . سيبويه
[ ص: 222 ] : التاء الأولى من (اتخذ ) بدل من واو ، والواو بدل من همزة ، وقيل : هي بدل من باء ، والياء بدل من همزة ، حكاه الأخفش ابن كيسان .
ومن قرأ : {فكان أبواه مؤمنان} ؛ فهو على تقدير : فكان الأمر أبواه مؤمنان ، فلا يكون فيه ضمير عائد على اسم (كان ) ؛ لأن ضمير الأمر وشبهه لا يحتاج من الجملة التي تكون بعده خبرا عنه إلى ضمير عائد عليه منها .
ويجوز أن يكون اسم (كان ) ضمير {الغلام} ؛ فيكون التقدير : فكان هو أبواه مؤمنان ، والجملة بعده خبر (كان ) .
والتشديد والتخفيف في {يبدلهما} سواء ، وقد تقدم القول في أمثاله .
وقد زعم بعض أهل اللغة : أن معنى (أبدلت ) : أن يذهب الشيء ويأتي غيره ، ومعنى (بدلت ) : أن يبدل وهو قائم بعينه ، وأنكره أبو علي ، واستدل بقوله : وإذا بدلنا آية مكان آية [النحل : 101 ] ، قال : فالآية المبدلة قد تكون قائمة التلاوة ، وقد ترفع من التلاوة .
وتقدم القول في {اتبع} و {أتبع} ، و {اتبع} يتعدى إلى مفعول ، و {أتبع} يتعدى إلى مفعولين ؛ لأنه منقول بالهمزة من (تبع ) ؛ فالتقدير : فأتبع أمره سببا .
[ ص: 223 ] وتقدم القول في {حمئة} ، و {حامية} .
وقوله : إما أن تعذب} : يجوز أن يكون موضع {أن} رفعا ؛ على معنى : إما هو أن تعذب ، ويجوز أن يكون موضعها نصبا بإضمار فعل ؛ التقدير : إما أن تفعل أن تعذب .
وقوله : {فله جزاء الحسنى} : [من قرأ : {فله جزاء الحسنى} ] ؛ فالمعنى : فله جزاء الخلال الحسنى ، فـ {الحسنى} في موضع جر بالإضافة ، أو في موضع رفع على البدل من {جزاء} ، وحذف التنوين ؛ لالتقاء الساكنين ، و {الحسنى} على هذا : الجنة .
ومن نون ونصب ؛ فهو مصدر في موضع الحال ؛ والتقدير : فله الحسنى مجزيا بها جزاء ، ويجوز النصب بغير تنوين ؛ على أن تحذف التنوين ؛ لالتقاء الساكنين .
وقوله : لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك : يجوز أن يكون موضع الكاف جرا على النعت لـ {قوم} ؛ أي : تطلع على قوم مثل أولئك الذين تغرب عليهم ، أو يكون موضعه نصبا على النعت لقوله : {سببا} ؛ أي : اتبع سببا مثل السبب الأول ، أو على أنها نعت لمصدر محذوف ؛ المعنى : تطلع طلوعا مثل غروبها ، أو [ ص: 224 ] يكون موضعها رفعا على تقدير : الأمر كذلك ، أو حكمهم مثل حكم أولئك ، ويوقف على هذه الأوجه على {كذلك} .
والضم والفتح في {السدين} : لغتان بمعنى ، عن ، وغيره . الكسائي
، أبو عبيدة ، وغيرهما : هو بالضم ما كان من صنع الله تعالى ؛ كالجبال وشبهها ، وبالفتح ما كان من صنع الآدميين . وأبو عمرو بن العلاء
وقيل : {السد} ؛ بالضم : الاسم ، و {السد} ؛ بالفتح : المصدر .
ومن قرأ : {يفقهون قولا} ؛ فالمعنى : يفقهون غيرهم قولا ، فحذف إحدى المفعولين ، و {يفقهون} : متعد إلى مفعول واحد ؛ من قولك : (فقهت الحديث أفقهه ) .
ومن همز {ياجوج وماجوج} ؛ جاز أن يكون من (أجة الحر ) ؛ وهي شدته ، ومنه : (أججت النار ) ، و ملح أجاج [الفرقان : 53 ] ؛ فهما (يفعول ) و (مفعول ) ، وترك الصرف فيهما على أنهما اسمان للقبيلة ، فلم يصرفا ؛ للتأنيث والتعريف ، [ ص: 225 ] ويجوز أن يكونا غير مشتقين .
ومن لم يهمز ؛ جاز أن يكون {ياجوج} من (يج ) ، و {ماجوج} ؟ من (مج ) ، وترك صرفهما على ما تقدم ، وجاز أن يكونا أعجميين في الأصل غير مشتقين .
[وإذا جعلا غير مشتقين] في القراءتين ؛ فوزن كل واحد منهما (فاعول ) ، ولم ينصرفا ؛ للعجمة والتعريف .
ومن قرأ : {خرجا} ؛ فـــــ(الخرج ) : العطية ؛ والمعنى : فهل نجعل لك عطية نخرجها من أموالنا ؟ و (الخراج ) : الضريبة التي تلزم الأرض ، وقد يقال للعطية : (الخراج ) أيضا .
ومن قرأ : {مكنني} ؛ فهو الأصل ، ومن قرأ : {مكني} ؛ أدغم النون الأولى في الثانية .
ومن قرأ : {ردما اءتوني} من المجيء ؛ فلأنه أشبه بسياق الآية ؛ لأنه [ ص: 226 ] كلفهم المعونة على عمل السد ، ولم يقبل منهم الخرج الذي بذلوه ، وفي هذه القراءة تقدير حذف الجر ، والمعنى : ائتوني بزبر الحديد .
ومن قرأ : {ءاتوني} ؛ فمعناه : أعطوني ؛ أي : ناولوني ، فهو راجع إلى القراءة الأولى .
وكذلك القول في : قال آتوني أفرغ عليه قطرا ، والفعل الثاني في القراءتين هو المعمل ، ولو أعمل الأول ؛ لقال في قراءة {ءاتوني} : آتوني أفرغه عليه قطرا ، وفي قراءة : {اءتوني} : ائتوني بقطر أفرغه عليه .
ومن شدد الطاء في {تسطع} ، و {اسطاعوا} ؛ فعلى أن الأصل : (تستطع ) ، واستطاعوا ، فأدغم التاء في الطاء ، وجمع بين الساكنين على الشذوذ .
وفي (استطاع ) خمس لغات : (استطاع ) ، و (اسطاع ) : (استفعل ) على حذف التاء ؛ كراهة اجتماع المتقاربين ، و (استاع ) : على إبدال الطاء تاء ، أو على أن الطاء حذفت حذفا حين لم يحسن الإدغام ، و (اسطاع ) ؛ بالإدغام ، وهي أشذهن وأبعدهن ، و (أسطاع يسطيع ) ؛ بمعنى : (أطاع يطيع ) ، زيدت السين عوضا من نقل [ ص: 227 ] حركة العين إلى الفاء ، ولما يلزمها من الحذف في (لم يسطع ) ، ومثله : (أهراق ) في (أراق ) ، وليس هذا العوض بلازم ، ولا يقاس عليه ، وإنما هو مسموع ، ألا تراهم لم يعوضوا في (أقام ) ، و (أجاد ) ، وشبهه .
وما في {الصدفين} من القراءات ؛ فلغات بمعنى ، و (الصدفان ) : الجبلان المتقابلان ، كأن أحدهما صادف صاحبه ، ولا يقال للجبل المنفرد : (صدف ) .
* * *