تخفيف (تذكرون) على حذف إحدى التاءين، والتشديد على الإدغام.
ومن فتح (وأن هذا صراطي مستقيما); فعلى تقدير: ولأن هذا صراطي [ ص: 705 ] مستقيما فاتبعوه، وقيل: التقدير: واتل عليهم أن هذا صراطي، وقيل: التقدير: وصاكم بأن هذا صراطي، والقول في المخففة كالقول في الشديدة; لأنها مخففة منها، وفي (أن) ضمير القصة أو الحديث، ويجوز أن تكون (أن) زائدة، كما كانت في قوله: فلما أن جاء البشير [يوسف: 96]، فيكون) (هذا) في موضع رفع، وإذا كانت مخففة من الشديدة; جاز أن يكون (هذا) نصبا ورفعا، والكسر على الاستئناف، والفاء في (فاتبعوه) على قراءة الكسر عاطفة جملة على جملة، وهي في قراءة من فتح زائدة
ومن قرأ: (على الذي أحسن); فهو على ما تقدم في التفسير، وهو فعل ماض، ومن قرأ: (أحسن); فعلى تقدير: تماما على الذي هو أحسن، وفيه بعد; من أجل حذف المبتدأ العائد على (الذي)، وحكى عن سيبويه الخليل: [ ص: 706 ]
أنه سمع: (ما أنا بالذي قائل لك شيئا).
دخول الباء في قراءة من خفف (كذب); للحمل على المعنى; لأن معنى (كذب بها)، و (كفر بها) سواء، ومن شدد; فالباء في موضعها. (فمن أظلم ممن كذب بآيات الله):
(يوم يأتي بعض آيات ربك): من قرأ برفع (يوم); فهو ابتداء، والخبر في الجملة، والعائد من الجملة محذوف; للعلم به، وطول الكلام والتقدير: لا ينفع فيه نفسا إيمانها، [والنصب على الظرف.
ومن قرأ: (لا تنفع نفسا إيمانها); بتاء; أنث الإيمان; إذ هو من النفس وبها، وكثيرا ما يؤنثون فعل المضاف المذكر، إذا كانت إضافته إلى المؤنث، وكان المضاف بعض المضاف إليه، أو منه، أو به، وعليه قول ذي الرمة: [من الطويل] [ ص: 707 ]
مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم
فأنث (المر); لإضافته إلى (الرياح)، وهي مؤنثة; إذ كان (المر) من (الرياح).
وقوله: (فرقوا دينهم): من قرأ: (فارقوا); فمعناه: خرجوا عن دينهم، ومن قرأ: (فرقوا); فمعناه: آمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه، ومن قرأ: (فرقوا); بالتخفيف; فمعناه: مازوه من غيره من سائر الأديان، ويجوز أن يكون أصلها التشديد، فخففت.
(لست منهم في شيء): قال المعنى: لست من قتالهم في شيء، فحذف المضاف. الفراء:
أبو علي: يجوز أن يكون على معنى البراءة، فلا يحتاج إلى تقدير حذف مضاف، فهو كما قال: [من الوافر ] [ ص: 708 ]
إذا حاولت في أسد فجورا فإني لست منك ولست مني
وقوله: فله عشر أمثالها : الإضافة على تقدير حذف المنعوت; والتقدير: فله عشر حسنات أمثال حسنته؟)، فالهاء والألف في (أمثالها) تعود على (الحسنات) المحذوفة، والانفصال مقدر في (أمثالها)، فإن لم يقدر الانفصال; فهو من باب حذف المبدل منه، وإقامة البدل مقامه.
أبو علي: حسن التأنيث في (عشر أمثالها); لما كان (الأمثال) مضافا إلى مؤنث، والإضافة إلى المؤنث) إذا كان إياه في المعنى يحسن فيه ذلك; نحو:
(تلتقطه بعض السيارة) [يوسف: 10]، و (ذهبت بعض أصابعه)، والحمل على التأنيث إذا كان اللفظ مذكرا قد يكون مثل: (ثلاث شخوص)، فـ (المثل): عبارة عن مؤنث; لأن (الأمثال) يراد بها: الدرجات، أو الحسنات، ومثل الشيء وإن كان غيره; فقد يكون في حكمه، ويسد مسده; كما تقول: (أنا أكرم مثلك)، وأنت تريد أنك تكرمه.
[ ص: 709 ] ومن نون; فقوله: (أمثالها) من صفة (العشر)، والتقدير: فله حسنات عشر أمثال حسنته، فيحتمل أن يكون له من الجزاء عشرة أضعاف ما يجب له، ويحتمل أن يكون له مثل، ويضاعف المثل، فيصير عشرة.
(دينا قيما): انتصب قوله: (دينا) على إضمار (هداني)، واستغنى بذكر ما قبله عنه، وقيل: هو منصوب بإضمار فعل; كأنه قال: اتبعوا دينا، أو اعرفوا دينا; لأن هدايتهم إليه تعريف لهم.
و(قيما): مصدر; كـ (الشبع)، فوصف به، وأعل، ولم يصح كما صح (العوض)، وقد تقدم القول فيه في (النساء)، و (قيما) كقوله: (ذلك الدين القيم) [التوبة: 39]، ومعناه ظاهر.
(ملة إبراهيم): بدل من قوله: (دينا).
قل أغير الله أبغي ربا : (غير): نصب بـ (أبغي)، و (ربا): تمييز.
ورفع بعضكم فوق بعض درجات : انتصاب (درجات) على تقدير حذف الجار; والمعنى: إلى درجات.
[ ص: 710 ] وقد روي عن هذه السورة مكية، وغيره: أن ثلاث آيات منها نزلت ابن عباس، بالمدينة، من قوله تعالى: قل تعالوا أتل ، إلى قوله: تتقون ، ونزلت جميعها سواهن جملة بمكة.
وروي عن أنها نزلت الكلبي: بمكة إلا آيتين منها نزلتا بالمدينة في اليهودي الذي قال: ما أنـزل الله على بشر من شيء [الأنعام: 91].
وعددها في المدنيين والمكي: مئة آية، وسبع وستون آية، وفي البصري والشامي: ست، وفي الكوفي: خمس.
اختلف منها في أربع آيات:
وجعل الظلمات والنور : مدنيان ومكي.
قل لست عليكم بوكيل : كوفي.
كن فيكون : عدها الجماعة سوى الكوفي.
[ ص: 711 ] إلى صراط مستقيم بعده: دينا قيما : كذلك أيضا.