الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها : [(جعل): يتعدى إلى مفعولين; لأنه بمعنى: (صير)، فقوله]: (مجرميها): مفعول أول، [ ص: 683 ] و(أكابر):المفعول الثاني.

                                                                                                                                                                                                                                      الله أعلم حيث يجعل رسالته : موضع (حيث): نصب بفعل مضمر دل عليه (أعلم)، وهي اسم، وانتصابها انتصاب المفعول على الاتساع، وكان الأصل: الله أعلم بمواضع رسالاته، ثم حذف الحرف; كما قال: إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله [الأنعام: 117]، وقال في موضع آخر: هو أعلم بمن ضل عن سبيله [النحل: 125].

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يجوز أن يعمل (أعلم) في (حيث) ويكون ظرفا; لأن المعنى يكون على ذلك: الله أعلم في هذا الموضع، وذلك لا يجوز أن يوصف به الباري عز وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام : الضمير في (يشرح) ضمير اسم الله تعالى; كما قال: ألم نشرح لك صدرك [الشرح: 1]، وأجاز أبو علي أن يكون [ ص: 684 ] الضمير للمهدي.

                                                                                                                                                                                                                                      وتخفيف قوله: (ضيقا): حسب ما تقدم من تخفيف العرب ما جاء على (فيعل).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح الراء من قوله: (حرجا); فهو مصدر وصف به; كـ (دنف)، ومن كسرها; فهو اسم الفاعل.

                                                                                                                                                                                                                                      و(ضيقا): مفعول ثان لـ (يجعل)، و (حرجا): نعت له، أو مفعول على التكرير، كما يكون للمبتدأ خبران وأكثر، فكما يجوز: (صدر ضيق حرج); كذلك يجوز بعد دخول (يجعل).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (يصعد); [فهو من (صعد)، ومن قرأ: (يصعد) ]; فأصلها: (يتصعد)، وكذلك (يصاعد)، أصلها: (يتصاعد). [ ص: 685 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ويوم يحشرهم جميعا : (يوم): منصوب بـ (نقول) المحذوف; التقدير: ويوم نحشرهم نقول: يا معشر الجن...، وقوله: يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس : على تقدير: قد استكثرتم من الاستمتاع بالإنس، فحذف المصدر المضاف إلى المفعول، وحرف الجر; يدل على ذلك قوله: ربنا استمتع بعضنا ببعض .

                                                                                                                                                                                                                                      قال النار مثواكم : يجوز أن يكون (المثوى) اسم مكان، ويجوز أن يكون مصدرا، فإن كان اسم مكان; فالحال من المضاف إليهم، والعامل فيها معنى الإضافة; لأن فيها معنى الفعل، وإن كان (المثوى) مصدرا; لزم تقدير حذف المضاف; كأنه قال: موضع ثوائكم خالدين فيها، فالحال من المضاف إليهم أيضا، والعامل فيها: المصدر; كأنه: يثوون فيها خالدين.

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم : موضع (ذلك) رفع; على تقدير: الأمر ذلك، وهو مذهب سيبويه، ويجوز أن يكون نصبا على تقدير: فعل ذلك، (أن): نصب بحذف الجار; [والتقدير: لأن لم يكن ربك، وهي (أن) المخففة من الشديدة، والهاء مضمرة; أي]: لأنه لم يكن.

                                                                                                                                                                                                                                      والتوحيد في (مكانتكم); لأنه مصدر يدل على القليل والكثير من جنسه، والجمع: لاختلاف أنواعه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 686 ] من تكون له عاقبة الدار : يجوز أن تكون (من) استفهاما، فتكون [في موضع رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها، ويجوز أن تكون بمعنى: (الذي)، فتكون خبرا] في موضع نصب بـ (تعلمون).

                                                                                                                                                                                                                                      ساء ما يحكمون : (ما): في موضع رفع; على تقدير: ساء الحكم حكمهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ( وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم ): قراءة ابن عامر هذه على التفرقة بين المضاف والمضاف إليه، ومثله قول الشاعر: [من مجزوء الكامل]


                                                                                                                                                                                                                                      فزججتها بمزجة زج القلوص أبي مزاده



                                                                                                                                                                                                                                      يريد: زج أبي مزادة القلوص، والتقدير في الآية: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل شركائهم أولادهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (زين... قتل أولادهم شركاؤهم); فارتفاع قوله: (شركاؤهم) بفعل مضمر دل عليه (زين)، كأنه قال: زينه شركاؤهم لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم); فهو على تسمية الفاعل، وقوله: (قتل) منصوب بـ (زين)، وهو مصدر [ ص: 687 ] مضاف إلى المفعول، و (أولادهم): مجرور بالإضافة، و (الشركاء): فاعلون لـ (زين)، وفاعل (قتل) محذوف; والتقدير: زين لكثير من المشركين قتلهم أولادهم شركاؤهم، كما قال: لا يسأم الإنسان من دعاء الخير [فصلت: 49]; أي: من دعائه الخير، ولا يكون (الشركاء) فاعل المصدر الذي هو (قتل); لأن (زين) يبقى بغير فاعل، ولأن الشركاء ليسوا القاتلين.

                                                                                                                                                                                                                                      وفتح الحاء، وضمها، وكسرها في (حجر): لغات.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما (حرج); فيجوز أن يكون مقلوبا من (حجر)، [ويجوز أن يكون بمعنى: الضيق]، ويجوز أن يكون الحرام، من قولهم: (فلان يتحرج); أي: يضيق على نفسه الدخول فيما يشبه الحرام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا : من قرأ بتاء تأنيث ورفع; فـ (ما): ابتداء، و (خالصة): الخبر، والتأنيث للمبالغة في الخلوص، أو على معنى (ما)، ومن قرأ بتاء التأنيث والنصب; فعلى أنه حال من [ ص: 688 ] المضمر في الظرف الذي هو صلة لـ (ما)، وخبر المبتدأ محذوف; كقولك: (الذي في الدار قائما زيد)، ويجوز على مذهب الأخفش أن يكون ذلك حالا من (ما); لأنه يجيز تقديم الحال على العامل فيها إذا كان معنى، بعد أن يتقدم صاحب الحال عليها; كقولك: (زيد قائما في الدار)، وكذلك القول في قراءة من قرأ: (خالصا)، والتأنيث على ما تقدم، والتذكير على لفظ (ما).

                                                                                                                                                                                                                                      وإن يكن ميتة : من قرأ بياء والرفع; فلأن التأنيث غير حقيقي، و (كان) بمعنى: (وقع)، ومن قرأ بتاء والرفع; فعلى لفظ (الميتة)، ومن قرأ بياء والنصب; فإنه جعل في (يكن) ضميرا راجعا إلى (ما) من قوله: (ما في بطون هذه الأنعام)، و (ما): مذكر، فذكر الفعل، ونصب (ميتة); لأن الفعل قد أسند إلى الضمير، فـ (ميتة): خبر (كان) إن كانت الناقصة، أو حال إن كانت التامة، ومن قرأ بالتاء والنصب; فإنه أنث الضمير الذي في [ ص: 689 ] (تكن) وإن كان مسندا إلى مذكر; لأنه الميتة في المعنى.

                                                                                                                                                                                                                                      والنخل والزرع مختلفا أكله : [نصب قوله: (مختلفا) على أنه حال مقدرة; المعنى: أنه أنشأه مقدرا فيه الاختلاف، ونصب )النخل والزرع): على العطف على (جنات)، وكذلك: والزيتون والرمان ، وكذلك: ومن الأنعام حمولة وفرشا مردود على (الجنات).

                                                                                                                                                                                                                                      ثمانية أزواج : يجوز أن ينتصب بإضمار فعل; التقدير: وأنشأ ثمانية أزواج، أو على أنه بدل من (حمولة وفرشا)، أو يكون محمولا على موضع (ما) من قوله: (كلوا مما رزقكم الله); فيكون بدلا من (ما) على الموضع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو على تقدير: كلوا من لحم ثمانية أزواج; فحذف الفعل والمضاف، وهذا على مذهب من جعلها من الأشياء التي تؤكل لحومها، أو على مذهب من يرى أكل لحوم الخيل، والبغال، والحمر الأهلية.

                                                                                                                                                                                                                                      وفتح الهمزة من (الضأن): لغة مسموعة عند البصريين، وهو مطرد عند الكوفيين في كل ما في ثانيه حرف حلق، وكذلك الفتح والإسكان في [ ص: 690 ] (المعز)، ويجوز أن يكون من أسكن العين من (المعز) جمع (ماعزا) على (معز); كـ (صاحب، وصحب)، ومن فتحها جمع على (معز); كـ (خادم، وخدم).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (يطعمه); فهو (يفتعل) من الطعام، وهي في المعنى كقراءة الجماعة.

                                                                                                                                                                                                                                      (إلا أن يكون ميتة): من قرأ بالتاء والرفع; فـ (كان) تامة، والتاء لتأنيث (الميتة)، ومن قرأ بالياء والنصب; جعل في (كان) ضميرا مما تقدم، وهو مذكر; والتقدير: إلا أن يكون الموجود ميتة، ومن قرأ بالتاء والنصب، أنث على المعنى; كأنه قال: إلا أن تكون النفس ميتة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (مسفوحا أو لحم خنـزير... أو فسقا): معطوف على (ميتة) فيمن نصب، أو على (أن) فيمن رفع (ميتة); لأن التقدير: إلا كون ميتة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (ظفر); فهو مخفف من (ظفر)، و (ظفر): يحتمل [ ص: 691 ] أن تكون لغة، وأنكرها أكثر النحويين، وزعموا أنها لم تسمع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (أو الحوايا) يجوز أن تكون (الحوايا) رفعا على الحمل على (حملت)، كأنه قال: إلا ما حملته ظهورهما، أو حملته الحوايا، قاله الكسائي، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي نصب على العطف على (ما) في قوله (إلا ما حملت ظهورهما).

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: تقديره: حرمنا عليهم شحومهما إلا شحم ما حملت ظهورهما، أو شحم الحوايا; فحذف المضاف، والمعنى: التحليل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: (الحوايا) معطوفة على (الشحوم)، داخلة في التحريم، و (ما) الثانية على هذا القول داخلة في التحريم، معطوفة على (الحوايا)، وتكون على القول الأول داخلة في التحليل.

                                                                                                                                                                                                                                      (ذلك جزيناهم): يجوز أن يكون موضع (ذلك) رفعا على تقدير: الأمر ذلك، أو نصبا بـ (جزيناهم).

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية