وقوله: والنخل والزرع مختلفا أكله أي: ثمره.
والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه : قد تقدم.
وقوله: ومن الأنعام حمولة وفرشا : قال (الحمولة): كبار الإبل، و (الفرش): صغارها، شبهت الصغار بالفرش; وهي الأرض المستوية التي يتوطؤها الناس، أو بما يفترش من النبات في انبساطه واستوائه; لاستواء أسنانها. ابن مسعود:
وقيل: (الحمولة): [ما حمل من الإبل، و (الفرش): الغنم، عن قتادة، وغيرهما. والسدي،
(الحمولة): كل]): ما حمل من الإبل، والبقر، والخيل، والبغال، والحمير، و (الفرش): الغنم. ابن عباس:
[(الحمولة): ما يركب، و (الفرش): ما يؤكل لحمه، ويحلب]. ابن زيد:
[ ص: 675 ] وقيل: (الحمولة): المذللة للحمل، و (الفرش): ما خلقه الله منها; من الجلود، والفرش، وما يتوطأ.
وقوله: ثمانية أزواج الآية:
نبه الله تعالى نبيه والمؤمنين بهذه الآية على ما أحله لهم; لئلا يكونوا بمنزلة من حرم ما أحله الله عز وجل; فقال: (ثمانية أزواج); يعني: أفرادا، وكل فرد يحتاج إلى آخر يسمى زوجا.
من الضأن اثنين : (الضأن): جمع ضائن، كـ (تاجر، وتجر)، ويقال للواحدة: (ضائنة).
وقيل: هو جمع لا واحد له، ويجمع على (الضئين); كـ (عبد، وعبيد)، وتكسر الضاد إتباعا.
و(المعز): جمع (ماعز).
وقوله: قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين : هذا احتجاج على المشركين في والمعنى: إن كان حرم عليكم الذكور; فكل ذكر حرام، وإن كان حرم الإناث; فكل أنثى حرام، وإن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين; يعني: من الضأن والمعز; فكل مولود حرام، [ ص: 676 ] ذكرا كان أو أنثى، فأعلم الله تعالى أن ما فعلوه من ذلك افتراء عليه. أمر البحيرة وما ذكر معها;
نبئوني بعلم أي: نبئوني بعلم إن كان عندكم، ولا علم عندهم; لأنهم لا يقرءون الكتب.
والقول في: ومن الإبل اثنين ، وما بعده; كالقول المتقدم.
ثم أعلم الله تعالى بعد هذا بما حرم، فقال: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة الآية، وقد تقدم القول في ذلك.
وقوله: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر يعني: ما ليس بمنفرج الأصابع; كالإبل، والنعام، والإوز، عن ابن عباس، وغيرهما، وقاله ومجاهد، وقال: وهو من الطير: ما لم يكن مشقوق الظفر. قتادة،
ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما : قال حرم عليهم شحوم الثروب والكلى. السدي:
حرم عليهم كل شحم غير مختلط بعظم، أو على عظم، وأحل لهم شحم الجنب والألية; لأنه على العصعص، وكذلك ما أشبهه. ابن جريج:
و الحوايا : المباعر، عن وغيره. ابن عباس،
[ ص: 677 ] هي ما تحوى من البطن; أي: استدار. أبو عبيدة:
وواحد (الحوايا): قيل: (حاوياء); مثل: (قاصعاء، وقواصع)، وقيل: (حاوية); كـ (ضاربة، وضوارب)، وقيل: (حوية); كـ (سفينة، وسفائن).
وقيل: إن الاستثناء في التحليل إنما هو على ما حملت الظهور خاصة، وقوله: أو الحوايا أو ما اختلط بعظم معطوف على المحرم.
وقيل: إن ما بعد إلا ما حملت ظهورهما معطوف عليه، داخل في الاستثناء.
(ما) في قوله: (إلا ما حملت ظهورهما): في موضع نصب على الاستثناء، و (الحوايا): في موضع رفع; والمعنى: أو ما حملت الحوايا، فعطف (الحوايا) على الظهور، ثم قال: (أو ما اختلط بعظم) على المستثنى، و (المختلط بالعظم): شحم الألية، حسب ما تقدم. الكسائي:
وسبب نزول هذه الآية فيما ذكره المفسرون: أن اليهود قالوا: لم يحرم علينا شيء، إنما حرم إسرائيل على نفسه الثروب وشحم الألية; فنحن نحرمه، فنزلت الآية.
[ ص: 678 ] وقوله: فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة أي: من سعة رحمته أنه لم يعاجلكم بالعقوبة في الدنيا، ثم أخبر بما أعده لهم في الآخرة من العذاب، فقال: ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين .
[وقيل: المعنى: لا يرد بأسه عن القوم المجرمين] إذا أراد حلوله في الدنيا.
سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء : قال قال كفار مجاهد: قريش: لو شاء الله ما حرمنا البحيرة، وما ذكر معها; فقال الله تعالى: كذلك كذب الذين من قبلهم .
وقيل: المعنى: لو شاء الله لبعث إلى آبائنا رسولا يردهم عن الشرك; فتبعهم على ما كانوا عليه.
وقيل: قالوا ذلك على جهة الهزء واللعب.
وقد لبست المعتزلة بهذه الآية، وقالوا: قد ذم الله هؤلاء الذين جعلوا شركهم عن مشيئته، وتعلقهم بذلك باطل; لأن الله تعالى إنما ذمهم على ترك اجتهادهم في طلب الحق، وقولهم ما حكاه عنهم مستهزئين; يدل على ذلك قوله بعده: قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين .
[ ص: 679 ]