الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والنخل والزرع مختلفا أكله أي: ثمره.

                                                                                                                                                                                                                                      والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه : قد تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن الأنعام حمولة وفرشا : قال ابن مسعود: (الحمولة): كبار الإبل، و (الفرش): صغارها، شبهت الصغار بالفرش; وهي الأرض المستوية التي يتوطؤها الناس، أو بما يفترش من النبات في انبساطه واستوائه; لاستواء أسنانها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: (الحمولة): [ما حمل من الإبل، و (الفرش): الغنم، عن قتادة، والسدي، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: (الحمولة): كل]): ما حمل من الإبل، والبقر، والخيل، والبغال، والحمير، و (الفرش): الغنم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: [(الحمولة): ما يركب، و (الفرش): ما يؤكل لحمه، ويحلب].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 675 ] وقيل: (الحمولة): المذللة للحمل، و (الفرش): ما خلقه الله منها; من الجلود، والفرش، وما يتوطأ.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ثمانية أزواج الآية:

                                                                                                                                                                                                                                      نبه الله تعالى نبيه والمؤمنين بهذه الآية على ما أحله لهم; لئلا يكونوا بمنزلة من حرم ما أحله الله عز وجل; فقال: (ثمانية أزواج); يعني: أفرادا، وكل فرد يحتاج إلى آخر يسمى زوجا.

                                                                                                                                                                                                                                      من الضأن اثنين : (الضأن): جمع ضائن، كـ (تاجر، وتجر)، ويقال للواحدة: (ضائنة).

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو جمع لا واحد له، ويجمع على (الضئين); كـ (عبد، وعبيد)، وتكسر الضاد إتباعا.

                                                                                                                                                                                                                                      و(المعز): جمع (ماعز).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين : هذا احتجاج على المشركين في أمر البحيرة وما ذكر معها; والمعنى: إن كان حرم عليكم الذكور; فكل ذكر حرام، وإن كان حرم الإناث; فكل أنثى حرام، وإن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين; يعني: من الضأن والمعز; فكل مولود حرام، [ ص: 676 ] ذكرا كان أو أنثى، فأعلم الله تعالى أن ما فعلوه من ذلك افتراء عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      نبئوني بعلم أي: نبئوني بعلم إن كان عندكم، ولا علم عندهم; لأنهم لا يقرءون الكتب.

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في: ومن الإبل اثنين ، وما بعده; كالقول المتقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أعلم الله تعالى بعد هذا بما حرم، فقال: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة الآية، وقد تقدم القول في ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر يعني: ما ليس بمنفرج الأصابع; كالإبل، والنعام، والإوز، عن ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما، وقاله قتادة، وقال: وهو من الطير: ما لم يكن مشقوق الظفر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما : قال السدي: حرم عليهم شحوم الثروب والكلى.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جريج: حرم عليهم كل شحم غير مختلط بعظم، أو على عظم، وأحل لهم شحم الجنب والألية; لأنه على العصعص، وكذلك ما أشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      و الحوايا : المباعر، عن ابن عباس، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 677 ] أبو عبيدة: هي ما تحوى من البطن; أي: استدار.

                                                                                                                                                                                                                                      وواحد (الحوايا): قيل: (حاوياء); مثل: (قاصعاء، وقواصع)، وقيل: (حاوية); كـ (ضاربة، وضوارب)، وقيل: (حوية); كـ (سفينة، وسفائن).

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن الاستثناء في التحليل إنما هو على ما حملت الظهور خاصة، وقوله: أو الحوايا أو ما اختلط بعظم معطوف على المحرم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن ما بعد إلا ما حملت ظهورهما معطوف عليه، داخل في الاستثناء.

                                                                                                                                                                                                                                      الكسائي: (ما) في قوله: (إلا ما حملت ظهورهما): في موضع نصب على الاستثناء، و (الحوايا): في موضع رفع; والمعنى: أو ما حملت الحوايا، فعطف (الحوايا) على الظهور، ثم قال: (أو ما اختلط بعظم) على المستثنى، و (المختلط بالعظم): شحم الألية، حسب ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وسبب نزول هذه الآية فيما ذكره المفسرون: أن اليهود قالوا: لم يحرم علينا شيء، إنما حرم إسرائيل على نفسه الثروب وشحم الألية; فنحن نحرمه، فنزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 678 ] وقوله: فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة أي: من سعة رحمته أنه لم يعاجلكم بالعقوبة في الدنيا، ثم أخبر بما أعده لهم في الآخرة من العذاب، فقال: ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين .

                                                                                                                                                                                                                                      [وقيل: المعنى: لا يرد بأسه عن القوم المجرمين] إذا أراد حلوله في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء : قال مجاهد: قال كفار قريش: لو شاء الله ما حرمنا البحيرة، وما ذكر معها; فقال الله تعالى: كذلك كذب الذين من قبلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: لو شاء الله لبعث إلى آبائنا رسولا يردهم عن الشرك; فتبعهم على ما كانوا عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: قالوا ذلك على جهة الهزء واللعب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد لبست المعتزلة بهذه الآية، وقالوا: قد ذم الله هؤلاء الذين جعلوا شركهم عن مشيئته، وتعلقهم بذلك باطل; لأن الله تعالى إنما ذمهم على ترك اجتهادهم في طلب الحق، وقولهم ما حكاه عنهم مستهزئين; يدل على ذلك قوله بعده: قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 679 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية