الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يسومونكم سوء العذاب أي: يصرفونكم مرة كذا ومرة كذا، كما يفعل بالنعم السائمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معنى (سمته سوء العذاب) : أرسلته عليه، من إرسال الإبل للرعي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو عبيدة : يولونكم، يقال: سامه خطة خسف; أي: أولاه.

                                                                                                                                                                                                                                      يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم أي: يقتلون الذكران; لما رآه فرعون في منامه من الرؤيا التي عبرت له بأن رجلا من بني إسرائيل يفسد ملكه.

                                                                                                                                                                                                                                      و (النساء) : اسم يقع للصغار والكبار.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 213 ] وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم قيل: معناه: وفي فعلهم ذلك بكم بلاء; أي: مكروه وشدة، وقيل: معناه: وفي إنجائكم بلاء; أي: إنعام.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ فرقنا بكم البحر أي: جعلناكم بين فرقيه، وقيل: (الباء) بمعنى (اللام) ، والمعنى: فرقنا لكم البحر.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أن موسى خرج ببني إسرائيل من مصر وهم في ست مئة ألف، فأتبعه فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث، فأمر الله عز وجل موسى فضرب البحر بعصاه، فانفلق اثني عشر طريقا، فدخل في كل طريق سبط من بني إسرائيل، وفتح الله عز وجل لهم بين كل طريقين في الماء كوى يرى بعضهم منها بعضا، اقتحم فرعون على آثارهم في تلك الطرق، فأنجى الله تعالى موسى ومن معه، وأغرق فرعون ومن معه، وأخرج جسد فرعون ميتا، لئلا يشك في موته.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 214 ] وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة قال الأخفش : المعنى: وعدناه تمام أربعين ليلة، أو نحو ذلك، وقيل: الأربعون كلها داخلة في الميعاد.

                                                                                                                                                                                                                                      والأربعون في قول أكثر المفسرين: ذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، وكان ذلك بعد أن جاوز البحر، وسأله قومه أن يأتيهم بكتاب من عند الله تعالى، فخرج إلى الطور في سبعين من خيار بني إسرائيل، وصعد إلى الجبل، وواعدهم إلى تمام أربعين ليلة، فعدوا فيما ذكره المفسرون- عشرين عاما، وعشرين ليلة، وقالوا: قد أخلفنا موعده.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم اتخذتم العجل من بعده أي: اتخذتموه إلها من بعد موسى، وفعل ذلك السامري، واسمه فيما روي-: موسى بن ظفر، وكان من قوم يعبدون البقر، وكان قد رأى جبريل عليه السلام مرة وقد جاء إلى موسى راكبا على فرس الحياة، فأخذ قبضة تراب من تحت حافر فرسه، وكان بنو إسرائيل قد خرجوا معهم بحلي استعاروه من القبط، فأمرهم هارون أن يحفروا حفرة، ويسكبوا فيها ذلك الحلي، ويتركوه حتى يأتي موسى فيرى فيه رأيه، وكان كل من كان عنده شيء من الحلي يأتي به ويلقيه في الحفرة، فجاء السامري فألقى ذلك التراب، وقال: كن عجلا جسدا له [ ص: 215 ] خوار، فصار كذلك، قال الحسن : صار حيوانا لحما ودما، وقال غيره: لم تنقلب عينه، لكنه كان يصوت، فقال السامري : هذا إلهكم وإله موسى، فعكفوا على عبادته، ونهاهم هارون، فلم ينتهوا، فاعتزل بمن لم يعبد العجل إلى أن رجع موسى، وحرق العجل، وذراه في اليم، وسأل بنو إسرائيل التوبة، فأمروا بقتل أنفسهم، فصفوا صفين واقتتلوا، وقيل: كان الذين عبدوا العجل مختبئين، والذين لم يعبدوه يقتلونهم، حتى قتل منهم سبعون ألفا، ثم رفع القتل عنهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: سمي العجل عجلا; لقصر مدته، وقال أبو العالية : لأنهم عجلوا بعبادته قبل أن يأتي موسى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية