الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      أحلت لكم بهيمة الأنعام : أضيفت (بهيمة) إلى (الأنعام) ، وهي تشتمل على الأنعام وغيرها; للاختصاص; ليعلم بالإضافة أن جميع البهيمة لم تدخل في التحليل، ولو قال : (أنعام البهيمة) ; لكان من إضافة البعض إلى الكل; مثل: (خاتم حديد) .

                                                                                                                                                                                                                                      إلا ما يتلى عليكم : استثناء من (بهيمة الأنعام) ; فموضعها نصب، وأجاز [ ص: 426 ] الفراء : أن تكون رفعا على البدل، على أن يعطف بـ (إلا) ; كما يعطف بـ(لا) ، ولا يجيزه البصريون إلا في النكرة، أو ما قاربها من الأجناس; نحو: (جاء القوم إلا زيد) .

                                                                                                                                                                                                                                      غير محلي الصيد : حال من المضمر في (أوفوا) ، أو من الكاف والميم في (لكم) .

                                                                                                                                                                                                                                      يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا : حال من (آمين) ، وهو أحسن من كونه صفة.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : كما لا أستحسن أن أصفه قبل الإعمال; لمشابهته الفعل، وهو مذهب سيبويه; كذلك لا أستحسن أن أصفه بعد الإعمال; لأن مشابهته للفعل قائمة بعد كما كانت قبل.

                                                                                                                                                                                                                                      (فاصطادوا) : من كسر الفاء; احتمل أن يكون راعى ألف الوصل التي تكسر في (اصطادوا) في الابتداء; فعامل الفاء معاملتها; لوقوعها في موضعها، أو يكون راعى ما يجوز من إمالة الألف التي بعد الطاء، ولو أميلت; لجاز أن يتبعها الفاء; فحمل الفاء على ما يجوز فيها في بعض الأحوال; كما قالوا: (صعقي) [ ص: 427 ] في النسب إلى: (الصعق) ; فأقرت كسرة الصاد مع فتح العين; نظرا إلى ما كان عليه (صعق) من كسرة العين.

                                                                                                                                                                                                                                      وضم الياء في (ولا يجرمنكم) : لغة ، (أجرم) و (جرم) : حكاهما الكسائي . وتقدم القول في : (شنئان) .

                                                                                                                                                                                                                                      أن صدوكم : من كسر (أن) ; فهي التي للشرط، واستغني عن الجواب بما تقدم; فالمعنى: إن صدوكم; فلا تكسبوا عدوانا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح; فـ (أن) في موضع نصب مفعول له ، و (أن) الثانية مفعولة لـ (جرم) ، والتقدير : ولا يجرمنكم شنآن قوم لأن صدوكم عن المسجد الحرام الاعتداء، والفتح يدل على أمر قد كان، والآية نزلت عام الفتح سنة ثمان، وصد المشركين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين عن البيت كان عام الحديبية سنة ست.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (إلا ما ذكيتم) : (ما) نصب على الاستثناء; المعنى: حرمت عليكم [ ص: 428 ] هذه الأشياء إلا الشيء الذي أدرك ذبحه منها.

                                                                                                                                                                                                                                      وما علمتم من الجوارح : يحتمل أن يكون التقدير : وأحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح، أو: تعليم ما علمتم; فالمضاف محذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      (مكلبين) : [حال من التاء والميم في (علمتم) ، و (تعلمونهن) ]: حال من الضمير فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      اليوم يئس الذين كفروا من دينكم : نصب (اليوم) على الظرف.

                                                                                                                                                                                                                                      (محصنين) : حال من المضمر المرفوع في (آتيتموهن) .

                                                                                                                                                                                                                                      غير مسافحين ولا متخذي أخدان : يجوز أن يكونا نعتين لـ (محصنين) ، أو حالين من المضمر في (محصنين) ، ولا يكون ولا متخذي أخدان معطوفا على (محصنين) ; لدخول (لا) معه تأكيدا للنفي، ولا نفي في (محصنين) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (وهو في الآخرة من الخاسرين) : العامل في الظرف محذوف; التقدير : [ ص: 429 ] وهو خاسر في الآخرة، ودل على المحذوف قوله: (من الخاسرين) ، ولا يتعلق الظرف بـ (الخاسرين) ; فيدخل في الصلة، ويجوز - إن لم تقدر الألف واللام بمعنى (الذي) - أن تعمل في الظرف قوله: (من الخاسرين) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نصب (وأرجلكم) ; عطف على الوجوه والأيدي.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جر; احتمل أن يكون ما قدمناه من مذهب من رأى نزول النص بالمسح، والغسل بالسنة، واحتمل أن يكون عطف بالغسل على المسح; حملا على المعنى، والمراد: الغسل; كما قال: [من الرجز]


                                                                                                                                                                                                                                      علفتها تبنا وماء باردا



                                                                                                                                                                                                                                      أي: وسقيتها ماء باردا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: سمي الغسل مسحا على ما تستعمله العرب من قولهم: (تمسحت للصلاة) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 430 ] وقيل: إن (وأرجلكم) مجرور على الجوار، وفيه بعد; من أجل حرف العطف.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (وأرجلكم) ; بالرفع; فعلى الابتداء، والخبر محذوف; كأنه

                                                                                                                                                                                                                                      قال : وأرجلكم تغسل، أو نحوه.

                                                                                                                                                                                                                                      (فاطهروا) ، و (فاطهروا) : متقاربان; لأنهم إذا تطهروا; طهروا.

                                                                                                                                                                                                                                      كونوا قوامين لله شهداء بالقسط : يحتمل أن يكون خبر (كان) قوله: (قوامين) ، و (شهداء) : حال من المضمر في (قوامين) ، ويحتمل أن يكون (شهداء) خبرا ثانيا لـ (كان) ، أو نعتا لـ (قوامين) ، أو بدلا.

                                                                                                                                                                                                                                      وتخفيف الزاي من (عزرتموهم) معناه: حطتموهم، وكفيتموهم، وتقدم القول في التشديد.

                                                                                                                                                                                                                                      و (قاسية) ، و (قسية) : متقاربان، وهما (فاعلة) ، و (فعيلة) ، من القساوة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تزال تطلع على خائنة منهم : إن جعلت التقدير : على فرقة خائنة; كان الاستثناء من المضمر العائد على الموصوف الذي في (خائنة) ; كأنه قال: على [ ص: 431 ] قوم يخونون إلا قليلا منهم، وإن جعلت (خائنة) مصدرا; كـ (العافية) ; على معنى: ذي خيانة; كان الاستثناء من الضمير المجرور في (منهم) ، أو من المضاف المحذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام أي: إلى سبل السلام; فهو مفعول ثان بحذف الجار.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية