[ ص: 315 ] ومعنى كذلك كنتم من قبل أي: كفارا، عن الحسن، . وابن زيد : متخفين بدينكم من قومكم. ابن جبير
فمن الله عليكم أي: من عليكم بالإسلام، أو بإظهار دينكم.
وقوله: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة : قال هذه الآية دالة على أنه ليس لأحد المقام بأرض يسب فيها السلف الصالح، ويعمل فيها بغير الحق، قال : و (المراغم) : الذهاب في الأرض، و (السعة) : سعة البلاد. مالك:
: (مراغما) : متحولا من أرض إلى أرض، (وسعة) : في الرزق. ابن عباس
سعة من الضلالة إلى الهدى; أي: سعة من تضييق ما كان فيه مع قتادة:
أهل الضلالة من كتمان دينه.
و (المراغم) في اللغة و (المهاجر) سواء، سمي مهاجرا و مراغما; لأنه كان يعادي قومه ويهجرهم إذا أسلم، كأن (راغمته) : عاديته ولم ألتفت إليه وإن لصق أنفه بالرغام; وهو التراب.
واستدل بعض العلماء بهذه الآية على أن للغازي - إذا خرج إلى الغزو ثم مات قبل القتال - سهمه وإن لم يحضر الحرب، رواه عن ابن لهيعة، ، عن أهل يزيد بن أبي [ ص: 316 ] حبيب المدينة، وروي ذلك عن ابن المبارك.
وقوله: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة : قال بعض العلماء: هذه الآية فيها منع لغير الخائف، ثم نسخ ذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم. قصر الصلاة
وقال بعضهم: القصر في صلاة الخوف بنص القرآن، وفي السفر بالسنة.
وقال بعضهم: الآية في قصتين، وحكمين; فقوله: وإذا ضربتم في الأرض إلى قوله: أن تقصروا من الصلاة يعني به: السفر، وتم الكلام، ثم ابتدأ فريضة أخرى، فقدم الشرط; فالتقدير: (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، إذا كنت فيهم، فأقمت لهم الصلاة) ، فالواو زائدة، والجواب: فلتقم طائفة منهم معك ، وقوله: إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا اعتراض بين بعض صلاة الخوف وبعض.
وكذلك روي عن : أن قوله: ابن عباس وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة نزلت في الصلاة في السفر ، ثم نزل: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا [ ص: 317 ] في الخوف بعدها بعام.
: معنى (القصر) ههنا: أن تقصروا من ركوعها وسجودها في حال الخوف، ويصلي إلى القبلة، وإلى غير القبلة، وهو اختيار ابن عباس واستدل بقوله: الطبري، فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة أي: بتمام ركوعها وسجودها.
وقوله: فليس عليكم جناح : إباحة، وقيل: هو فرض للمسافر ، كما روي عن ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر". عائشة
وروي: أن في قراءة أبي: (فلا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا) على معنى: كراهة أن يفتنكم، وهو مذهب : أن من أتم الصلاة في السفر; أعاد ما دام في الوقت. مالك
وعن : من صلى في السفر أربعا; كمن صلى في الحضر ركعتين. ابن عباس
وأصحابه : إن صلى في السفر أربعا، فقعد في الثانية قدر التشهد; فصلاته تامة، وإن لم يقعد قدر التشهد; فصلاته فاسدة. أبو حنيفة،
[ ص: 318 ] الشافعي، المسافر بالخيار، إن شاء أتم، وإن شاء قصر. وأبو ثور:
ويقصر المسافر عند مالك في مسافة أربعة برد، وعند والشافعي : ثلاثة أيام بلياليهن سير الإبل، ومشي الأقدام. أبي حنيفة
، الحسن في يومين، والزهري: : في يوم، لا فيما دونه، ابن عباس عن الأوزاعي : في خمسة عشر ميلا، وقد بسطت هذا في "الكبير". أنس بن مالك
واختلفت الآثار في وفي ترتيبها; ففي حديث عدد ركعات صلاة الخوف، يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة : أن التي صلاها مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعة، وتقوم الأخرى وجاه العدو، فإذا قام في الثانية; أتمت الأولى لأنفسها ومضت، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الثانية، وثبت حتى يتموا [ ص: 319 ] لأنفسهم، ثم يسلم بهم. صلاة الخوف
وفي رواية القاسم عن صالح: أنه يسلم، ثم يقضون بعد سلامه.
وقال برواية مالك يزيد بن رومان، ثم رجع إلى رواية القاسم.
صلاة الخوف للإمام ركعتان، وركعة ركعة لمن خلفه، وروي نحوه عن حذيفة بن اليمان: ، جابر بن عبد الله وغيرهما، قال وابن عباس، : فإن لم يقدر; فليكبر تكبيرتين حيث كان وجهه. الضحاك
قال إسحاق: ركعة واحدة يومئ بها إيماء، فإن لم يقدر; فسجدة، فإن لم يقدر; فتكبيرة. يجزئ في صلاة الخوف
ومذهب ، مالك وأكثر الفقهاء : أن الخائف في السفر يصلي ركعتين حيث ما توجه، وكيف تيسر، ويصلي الخائفون في الحضر عند والشافعي،
[ ص: 320 ] أربعا، على سنة صلاة الخوف. مالك
وقوله: وليأخذوا أسلحتهم : قال : يعني: الطائفة التي وجاه العدو; لأن المصلية لا تحارب، وقال غيره : هي المصلية. ابن عباس
النحاس: يجوز أن يكون للجميع; لأنه أهيب للعدو، ويجوز أن يكون للتي وجاه العدو خاصة.
وأرخص في الانحراف، والمشي القليل، ويضرب الضربة، ويطعن الطعنة في صلاة الخوف عند الشدة، فإن تابع الضرب والطعن، أو ردد الطعنة الواحدة في المطعون; لم تجزئه صلاته، وأكثر العلماء على أن كل ما فعله المصلي في صلاة الخوف لا يقدر على غيره; فصلاته تجزئه. الشافعي
وقوله) : فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم أي: لينصرفوا بعد سجودهم، فيقفوا خلفكم; فمن قال: إن صلاة الخوف ركعة; فانصرافهم يكون على قوله بسلام، ولا قضاء عليهم .
وقوله: إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم : نزلت [ ص: 321 ] هذه الآية - فيما روي ـ في كان جريحا، فأذن له في وضع السلاح; رفقا به ، إذا كان معه من ينوب عنه، وكذلك حكم من كان مثله. عبد الرحمن بن عوف،
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة أي: تامة.
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا : قال ، ابن عباس : فرضا مفروضا، ومجاهد : مؤقتا; أي: منجما، يؤديها في أنجمها، وقيل: معناه: محتوما. قتادة