الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      فكيف إذا جئنا : موضع (كيف) : نصب بفعل مضمر، التقدير : (فكيف يكون حالهم إذا جئنا من كل أمة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا؟ أمعافين أم معذبين؟) ، والفعل المضمر قد سد مسد جواب (إذا) ، والعامل في (إذا) : (جئنا) ، و (شهيدا) : حال.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : (تسوى) بفتح التاء; فـ (الأرض) : فاعله ، والمعنى: (لو يتسوون هم بالأرض) ; فهو مثل: (أدخلت القلنسوة في رأسي) ، والتشديد على الإدغام، [ ص: 279 ] والتخفيف على حذف التاء.

                                                                                                                                                                                                                                      و (وتسوى) : غير مسمى الفاعل، والمعنى: (لو يسوي الله بهم الأرض; أي : يجعلهم والأرض سواء) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (سكرى) ; فهو جمع: (سكران) ، كسر على (سكرى) ; إذ السكر علة تلحق العقل، فجرى مجرى (صرعى) وبابه، و يحتمل أن يكون صفة مفردة ، مذكرها: (سكران) ; كامرأة سكرى.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (سكرى) ; فهو صفة مفردة بمنزلة: (حبلى) ، وجاز الإخبار بالصفة المفردة عن الجماعة; على ما يستعملونه من الإخبار عن الجماعة بالواحد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (وأنتم سكارى) : حال من المضمر في (تقربوا) ، وكذلك: (ولا جنبا) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : (إلا عابري سبيل) : [حال من المضمر في (ولا جنبا) ; أي: ولا تقربوا الصلاة جنبا إلا عابري سبيل]; يعني: مواضع الصلاة، على ما تقدم في الأحكام.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 280 ] ومن قرأ: (الغيط) ; احتمل أن يكون أصله: (الغيط) وإن لم يسمع; كما قالوا: (يذر) ، و (يدع) ; حملا على (وذر) ، و (ودع) ، ولم يسمعا، فخفف، كـ (سيد) ، و (ميت) .

                                                                                                                                                                                                                                      واحتمل أن يكون من (الغوط) ; بدلالة قولهم: (تغوط) ; إذا أتى الغائط، فقلبت واو (الغوط) ياء; كما قالوا في (لا حول) : (لا حيل) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (لامستم) ; فعلى أن المراد به : الجماع، وهو من اثنين، ومن قرأ: (لمستم) ; فهو منسوب إلى الرجال خاصة; يقويه قوله: ولم يمسسني بشر ، وقد تقدم القول في نظيره.

                                                                                                                                                                                                                                      ( فتيمموا صعيدا طيبا ): على تقدير حذف المضاف; المعنى: فتيمموا استعمال صعيد طيب ، ولولا هذا التقدير; لخلا الكلام من الفائدة; لأن قوله: (فامسحوا) يغني عن ذلك، هذا على قول من قال: (أمر الله بتيمم ومسح) ، ومن جعل المراد: المسح; لم يحتج إلى تقدير حذف المضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جعل (الصعيد) : التراب; نصب (صعيدا) على أنه مفعول به، بتقدير حذف الباء; أي: بصعيد، و (طيبا) : نعت له، ومعناه: نظيف، ومن جعل [ ص: 281 ] (طيبا) بمعنى: حلالا; نصبه على الحال أو المصدر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جعل (الصعيد) : الأرض، أو وجه الأرض; نصب (صعيدا) على أنه ظرف.

                                                                                                                                                                                                                                      وكفى بالله وليا : موضع (بالله) رفع، وزيدت الباء; ليؤدي الكلام معنى الأمر; لأن المعنى: اكتفوا بالله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: من الذين هادوا يحرفون الكلم قيل: تقديره: (من الذين هادوا فريق يحرفون) ، فـ (من) متعلقة بالمحذوف، و (يحرفون) : نعت للمبتدأ المحذوف، وقيل : المحذوف (من) .

                                                                                                                                                                                                                                      [وقيل: إن (من) متعلقة بـ (نصيرا) ; على معنى: (اكتفوا بالله ناصرا لكم من الذين هادوا) ، ويكون (يحرفون الكلم) ] - على هذا- حالا من (الذين هادوا) ، ونظيره: فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا ، وقد تقدم القول في موضع الوقف.

                                                                                                                                                                                                                                      واسمع غير مسمع حال.

                                                                                                                                                                                                                                      ليا بألسنتهم وطعنا في الدين : مفعولان لهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 282 ] فلا يؤمنون إلا قليلا أي: إلا إيمانا قليلا، وقد تقدم ذكره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإذا لا يؤتون الناس نقيرا : (إذا) ههنا: ملغاة غير عاملة; لدخول فاء العطف عليها، ولو نصب; لجاز.

                                                                                                                                                                                                                                      سيبويه: (إذا) في عوامل الأفعال بمنزلة (أظن) في عوامل الأسماء، فإذا ابتدأت بها وأنت تريد الاستقبال; نصبت لا غير; نحو: (إذا أكرمك) .

                                                                                                                                                                                                                                      وهي بنفسها الناصبة عند سيبويه، والناصب عند الخليل: (أن) مضمرة.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن جعلتها معترضة ألغيتها; نحو: (أنا إذا أكرمك) ، فإن جئت بها مع الواو والفاء; جاز الرفع والنصب.

                                                                                                                                                                                                                                      وتكتب (إذا) بالنون والألف:

                                                                                                                                                                                                                                      فمن كتبها بالنون; فهو الأصل; لأنها كنون (أن) و (عن) ، وليس في

                                                                                                                                                                                                                                      الحروف تنوين.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن كتبها بالألف; أبدل الألف من النون; لأن (إذن) كلها تضارع نون التوكيد، ونون الصرف، من جهة أنها حرف، فالنون فيها بعض حرف، كما أن التنوين ونون التوكيد كل واحد منهما حرف، ولم يجز ذلك في الأصلية في نحو: (حسن) ; من جهة أنها كالدال من (زيد) ، ولم يجز في (عن) و (أن) ; [ ص: 283 ] لأنهما لا يوقف عليهما كما يوقف على (إذن) ; في نحو قولك: (إن زرتني) فأنا أزورك إذا) ، فلما ساغ الوقف عليها; جاز إبدال الألف من نونها، ولا يوقف على (عن) و (أن) ; من حيث كان حرف الجر لا يمكن تعليقه عن المجرور; فلا يوقف عليه دونه، وكذلك (أن) الناصبة للفعل لا يوقف عليها; لأن عوامل الأفعال أضعف من عوامل الأسماء، والفعل الذي بعدها صلة لها، والوقف على الموصول دون صلته قبيح مع الأسماء القوية، فهو مع الحروف الضعيفة أقبح، وكذلك إن كانت (أن) مخففة من الشديدة; فما بعدها من اسمها وخبرها صلة لها، وكذلك (أن) الزائدة المعترضة بين المضاف والمضاف إليه; في نحو: ولما أن جاءت رسلنا لوطا ، لا يوقف عليها; لئلا يفرق بين المضاف والمضاف إليه، ومع هذا كله: فإن نون (إذن) أشبه بالتنوين من نون (عن) و (أن) ; من حيث كانت على ثلاثة أحرف; فأشبهت (يدا) و (غدا) ، وليس في الأسماء ما هو على حرف يلحقه تنوين; فيشبه نون (عن) و (أن) بتنوينه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 284 ] وقوله: ومنهم من صد عنه : فتح الصاد وضمها يرجعان إلى معنى; لأنهم لا يصدون حتى يصدوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وكفى بجهنم سعيرا : من جعل (السعير) بمعنى : الوقود، وقدره منصوبا على الحال; فلا بد من تقدير حذف مضاف، والمعنى : (وكفى بسعير جهنم سعيرا) ; لأن (السعير) هو (الإسعار) ، و (جهنم) : اسم للمكان، فلا يكون ذو الحال الحال إلا على هذا التقدير، وتكون الحال مؤكدة.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون المعنى: (وكفى بجهنم مسعورة) ; فلا يحتاج إلى تقدير حذف، وكذلك إن جعلت نصبها على التفسير; لم يحتج إلى تقدير حذف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله : من ضم اللام; فوجهها: أن لام الفعل من (تعالى) حذفت استخفافا، كما حذفت في قولهم: (ما باليت به بالة) ، فضمت لام (تعالى) حين حذفت اللام; لوقوع واو الجميع بعدها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية