الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 274 ] أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله : "الناس" ههنا: النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاصة، عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما، والمعنى: أنهم حسدوه على النبوة; يعني: اليهود

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : (الناس) : العرب، حسدتهم اليهود على النبوة، فأعلم الله ـ تعالى ـ أنه قد آتى آل إبراهيم الكتاب والحكمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وآتيناهم ملكا عظيما يعني: النبوة، عن مجاهد والحسن.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : يعني: ملك سليمان، وعن ابن عباس أيضا: أن المعنى: أم يحسدون محمدا على ما أحل الله له من النساء، فيكون (الملك العظيم) على هذا: أنه أحل لداود تسعا وتسعين امرأة، ولسليمان أكثر من ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      واختيار الطبري: أن يكون المراد: ما أوتيه سليمان من الملك، وتحليل النساء .

                                                                                                                                                                                                                                      فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه : قال مجاهد : الضمير في قوله: (فمنهم) : للذين قيل لهم: آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم ; وهم أهل الكتاب، ثم أخبر أن [ ص: 275 ]

                                                                                                                                                                                                                                      منهم من آمن به، ومنهم من صد عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      قيل: ولذلك لم ينفذ فيهم الوعيد الذي تقدم من قوله: من قبل أن نطمس وجوها وما بعده; لأنه إنما توعدهم به مع مقام جميعهم على الكفر.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الهاء) في (به) : للكتاب، وقيل: للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل : للخبر المتقدم ذكره، وقيل : لإبراهيم، والمعنى: فمن آل إبراهيم من آمن به، ومنهم من صد عنه، كما فعل بمحمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب قيل: معناه: أعدنا الجلد الأول جديدا; كقولك: (أبدلت خاتمي) ; إذا كسرته، وصنعت من فضته خاتما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: تبدل الجلود جلودا أخر، والألم واقع على النفوس؟ [فتبديل

                                                                                                                                                                                                                                      الجلود: زيادة في عذاب النفوس]، وقيل: يعني بـ (الجلود) : السرابيل.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة، كلما أكلتهم; قيل لهم:

                                                                                                                                                                                                                                      عودوا، فعادوا كما كانوا.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عمر: إذا احترقوا بدلت لهم جلود بيض; كالقراطيس. وقوله في صفة أهل الجنة : وندخلهم ظلا ظليلا يعني : كثيفا، لا شمس فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 276 ] الحسن : وصف بأنه ظليل; لأنه لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر، والسموم، وشبه ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا الآية. روي: أن هذا نزل في يهوديين تحاكما إلى كاهن، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أظهرهم. وقيل: في يهودي ومنافق، عن الشعبي، وقتادة.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي: اسم الكاهن : أبو بردة.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس ، ومجاهد ، وغيرهما: (الطاغوت) ههنا: كعب بن الأشرف. الحسن : احتكم المنافقون في القداح التي تضرب عند الأوثان، فنزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا : قال الضحاك: دعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، وروي : أن هذا المنافق حكم عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبو بكر رضي الله عنه; فلم يرض بحكمهما، ثم جاء عمر، فأخبره بذلك، فقتله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية