الذي دل عليه الكلام، التقدير: (ينظرون أيهم يكفل مريم) ، ولا يعمل الفعل في لفظ (أي) ; لأنها استفهام. (أيهم يكفل مريم) : ابتداء وخبر في موضع نصب بالفعل المضمر
(إذ قالت الملائكة) : العامل في (إذ) : (يختصمون) .
وقيل: العامل فيها العامل في (إذ) الأولى، التقدير: (وما كنت لديهم إذ قالت الملائكة) .
[ ص: 66 ] (اسمه المسيح عيسى ابن مريم) : (عيسى) : بدل من (المسيح) ، من البدل الذي هو هو، ولا يكون (عيسى) خبرا كما كان (المسيح) ، من حيث كانا اسمين له; لأنه لو كان كذلك; لقال: (أسماؤه) على المعنى، أو (أسماؤها) على لفظ الكلمة.
ومنع أبو علي كون (ابن مريم) وصفا لـ (عيسى) ، قال: لأن (عيسى) في هذا الموضع خبر عن (الاسم) ، و (الاسم) لا يكون الشخص، والصفة هي الموصوف في المعنى، وذهب إلى أنه خبر ابتداء محذوف، أو مبتدأ محذوف الخبر، هذا الذي ذهب إليه أبو علي جار على مذهبه; لأن الاسم غير المسمى عنده، فأما على مذهب أهل السنة في أن الاسم هو المسمي; فلا يمتنع ما أنكره.
(وجيها في الدنيا والآخرة) وما بعده إلى قوله: (ورسولا إلى بني إسرائيل) : كلها أحوال من (عيسى) عليه السلام.
وقيل: إن قوله: (ورسولا) تقديره: (ويجعله رسولا) ، فيحسن على هذا الابتداء بقوله: (ورسولا) ، ولا يحسن إذا جعلته حالا، ومن جعل (الكلمة) اسما لـ(عيسى) ; جاز في غير القرآن: (وجيه) بالجر على النعت لـ(كلمة) .
(إني أخلق لكم) : كسر الهمزة على الاستئناف، أو على أنه فسر الآية [ ص: 67 ] بالجملة، والفتح على أن (أن) بدل من (آية) ، التقدير: (جئتكم بأني أخلق لكم الطائر) .
و (طائرا) : على أنه واحد، و (الطير) : على أنه جمع.
(تذخرون) : على الأصل، يقال: (ذخر يذخر) ، و (تدخرون) : (تفتعلون) منه، والأصل: (تذتخرون) ، قلبت التاء دالا; لتتفق مع الذال في الجهر، وأدغمت الذال في الدال، ويجوز في الكلام: (تذخرون) على إدغام الثاني في الأول.
و (مصدقا) : حال من الفاعل في (جئتكم) ، ولا يحسن عطفه على قوله: (وجيها) ; لأنه كان يلزم على ذلك أن يكون لفظ التلاوة: (ومصدقا لما بين يديه) .
وتخفيف الياء من قوله: (الحواريون) ; استثقالا للتضعيف، والتشديد مع ذلك مراد، وأنشد أبو زيد: [من الكامل]
بكي بعينك واكف القطر ابن الحواري العالي الذكر
[ ص: 68 ] يريد: (الحواري) بالتشديد.(إذ قال الله يا عيسى) : العامل في (إذ) : (مكروا) ، أو فعل مضمر.
(وجاعل الذين اتبعوك) : حذف التنوين استخفافا.
(ذلك نتلوه عليك من الآيات) : (ذلك) : ابتداء، وهو بمعنى (الذي) ، ولا موضع لقوله: (نتلوه) من الإعراب; لأنه صلة، والخبر: (من الآيات) .
(خلقه من تراب) : لا موضع لـ(خلقه) من الإعراب; لأنه لا يكون صفة لـ (آدم) من حيث كانت الجملة نكرة، ولا يكون حالا; لأنه ماض; فهو منفصل من (آدم) ، وغير متصل به، وتبيين لقصته.
* * *