الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      معنى قراءة من قرأ: (ويقتلون الذين يأمرون) أو: (يقاتلون) [ ص: 44 ] ظاهر.

                                                                                                                                                                                                                                      (فكيف إذا جمعناهم) : العامل في (كيف) : المعنى الذي دلت عليه (كيف) ; أي: على أي حال يكونون حين يجمعون ليوم لا ريب فيه؟.

                                                                                                                                                                                                                                      والميم في (اللهم) عند سيبويه : عوض من ياء النداء، كما قدمنا، قال: ولا يوصف، و ( مالك الملك) عنده: منصوب على النداء، وأجاز الزجاج ، والمبرد ، وغيرهما كونه صفة.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : قول سيبويه أبين; لأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد (اللهم) ، فإذا خالف أصل ما عليه الأسماء الموصوفة، ودخل في حيز الأصوات; وجب ألا يوصف; وذلك أنه اسم منادى، وكان الأصل ألا يوصف المنادى المعرفة المفرد، فلما وصف بسماع، كما حكى سيبويه عن العرب من قولهم: (يا تميم أجمعين) ، وضم إلى اسم الله تعالى صوت صيغ معه، وكان حكم الأصوات ألا توصف، وكان قياس المضموم إليه هذا الصوت قبل ضمه ألا يوصف; صار بمنزلة صوت مضموم إلى صوت; نحو: (حيهل) ، فلم يوصف.

                                                                                                                                                                                                                                      (ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء) : قوله: (في شيء) متعلق بمحذوف حال من المضمر الذي في قوله: (من الله) ، وفي قوله: (من الله) تقدير [ ص: 45 ] حذف مضاف، كأنه قال: ليس من دين الله في شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : يجوز أن يكون (فليس من الله في شيء) بمعنى البراءة، فلا يحتاج إلى تقدير حذف المضاف، ويكون موضع (في شيء) نصبا على الحال من الضمير الذي في الخبر، وقد ورد هذا الكلام لهذا المعنى، كما قال: [من الوافر].


                                                                                                                                                                                                                                      إذا حاولت في أسد فجورا فإني لست منك ولست مني

                                                                                                                                                                                                                                      كأنه قال: إني أبرأ منك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (إلا أن تتقوا منهم تقاة) : (تقية) و (تقاة) مصدران، والتاء فيهما بدل من الواو.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: هما سواء.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : يجوز أن تكون (تقاة) مثل: (رماة) ، ويكون حالا من (تتقوا) ، وكأنه إذا جمع على (تقاة) رد إلى (فاعل) وإن لم يستعمل، كما أن [ ص: 46 ] (مذاكير) جمع على ما لم يستعمل له واحد، ويجوز أن يكون جمع (تقي) وجعل (فعيل) بمنزلة (فاعل) ، كما جعل (فيعل) بمنزلة (فاعل) ; نحو: (ميت وأموات) ، فجعل كـ (صاحب وأصحاب) .

                                                                                                                                                                                                                                      (ويحذركم الله نفسه) لم يقل: يحذركم إياه; لأن فعل الفاعل لا يوقع على نفسه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض) : (ويعلم) مستأنف، ولا يجوز جزمه; لأن المعنى يصير كأنه: (إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلم الله ما في السماوات وما في الأرض) ، والله يعلم ذلك على كل حال.

                                                                                                                                                                                                                                      (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها) : (يوم) منصوب بـ (ويحذركم الله) ، أو يكون التقدير: (وإليه المصير يوم تجد) ، أو: (والله على كل شيء قدير يوم تجد...) ، أو على إضمار (اذكر) .

                                                                                                                                                                                                                                      و (محضرا) : حال من الضمير المحذوف من صلة (ما) ، تقديره: (يوم تجد كل نفس ما عملته من خير محضرا) ، هذا على أن يكون (تجد) من وجدان الضالة، و (ما) من قوله: (وما عملت من سوء) على هذا عطف على (ما) [ ص: 47 ] الأولى، و (تود) في موضع الحال من (ما) الثانية.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن جعلت (تجد) بمعنى (تعلم) ; كان (محضرا) المفعول الثاني، وكذلك يكون موضع (تود) نصبا بكونه في موضع المفعول الثاني، تقديره: (يوم تجد كل نفس جزاء ما عملت) ; لأن ما عملته لا يحضر هناك.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون (ما) الثانية رفعا بالابتداء، و (تود) في موضع رفع; بأنه خبر الابتداء، ولا يصح كون (ما) بمعنى الجزاء; لأن (تود) مرفوع، ولو كان ماضيا; لجاز أن يكون جزاء، فكان يكون الكلام: (وما عملت من سوء ودت لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) ، ولا يكون المستقبل إذا جعلت (ما) للشرط إلا مجزوما، إلا أن تحمله على تقدير حذف الفاء على تقدير: (وما عملت من سوء فهي تود) .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : هو قياس قول الفراء عندي; لأنه قال في: وإن أطعتموهم إنكم لمشركون [الأنعام: 121] : إنه على حذف الفاء.

                                                                                                                                                                                                                                      (ذرية بعضها من بعض) : نصب (ذرية) على الحال من الأسماء التي قبلها; أي: (اصطفاهم) متتابعين.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 48 ] ومن ضم الذال من (ذرية) ; جاز أن يكون (ذرية) (فعيلة) ، من (ذرأ الله الخلق) ، فخففت الهمزة، وأدغمت الياء في الياء.

                                                                                                                                                                                                                                      أو (فعولة) من (ذروت) ، الأصل: (ذروة) ، أبدلت لام الفعل ياء، وقلبت واو (فعولة) ياء أيضا، وأدغمت.

                                                                                                                                                                                                                                      أو يكون (فعيلة) من (ذروت) ، الأصل: (ذروة) ، أبدلت الواو ياء أيضا، وأدغمت الياء فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      أو يكون (فعولة) أو (فعيلة) ]، [من (ذريت) لغة في (ذروت) ، فأصلها إن كانت (فعولة) ]: ( ذروية) ، وإن كانت (فعيلة) : (ذريية) .

                                                                                                                                                                                                                                      أو يكون من (الذر) : (فعلية) ، منسوبة، أو (فعلية) غير منسوبة، أو (فعيلة) ; كـ (مريقة) ، أو (فعولة) ; كـ (سبوح) و (قدوس) ، أو (فعلولة) ; كـ (قردودة الظهر) ، فضم أولها إن كانت اسما كـ (قمرية) ، وإن كانت منسوبة; [ ص: 49 ] فكما قالوا في النسب إلى (الدهر) : (دهري) ، وإلى (السهل) : (سهلي) ، وأصل (فعيلة) من الذر: (ذريرة) ، و (فعولة) من الذر: (ذرورة) ، وكذلك (فعلولة) ; أبدلت الراء الأخيرة في ذلك كله ياء; كراهة التضعيف، كما قالوا في (تسررت) : (تسريت) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما من كسر ذال (ذرية) ; فإنها تحتمل أن تكون (ذرية) (فعيلة) من: (ذرأ الله الخلق) ; كـ (بطيخة) ، فخففت الهمزة، أو (فعلية) من (الذر) منسوبة على غير قياس، أو (فعيلة) من الذر: (ذريرة) ، أو (فعليلة) ، كـ (حلتيت) ، ويحتمل أن تكون (فعيلة) : (ذريوة) من (ذروت) ، أو (فعيلة) : (ذريية) من (ذريت) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح ذال (ذرية) ، جاز أن يكون (فعيلة) : (ذرية) من (ذرأ) ; مثل: (سكينة) ، أو (فعولة) من (ذرأ) أيضا; كـ (خروبة) ، والأصل: (ذروءة) ، فأبدلت الهمزة ياء بدلا مسموعا، وقلبت الواو ياء، وأدغمت.

                                                                                                                                                                                                                                      وجاز أن يكون من (الذر) ، فيكون (فعلية) ; كـ (برنية) ، أو (فعلية) [ ص: 50 ] منسوبة إلى الذر، أو (فعولة) ; كـ (خروبة) ، أصلها: (ذرورة) ، فعل بها حسب ما تقدم، أو (فعلولة) ; كـ (بعكوكة) : (ذرورة) أيضا، أو (فعيلة) ; كـ (سكينة) : ( ذريرة) ، فقلبت الراء ياء في ذلك كله.

                                                                                                                                                                                                                                      ويحتمل أن يكون من (ذروت) : (فعيلة) : (ذريوة) ، أو من (ذريت) : (ذريية) ، أو (فعولة) من (ذريت) : (ذروية) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (ذرية) ; فهي (فعيلة) من (ذروت) ، أو من (ذريت) : (ذريوة)أو (ذريية) ، أو (فعيلة) من (ذرأ) : (ذريئة) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (ذرية) ; فهي (فعلة) من (ذريت) .

                                                                                                                                                                                                                                      (إذ قالت امرأت عمران) : العامل في (إذ) : (سميع عليم) ، أو (اصطفى) الواقعة على آل عمران، أو فعل مضمر، فيوقف على (عليم) على هذا التقدير الأخير، ولا يوقف عليه على الأولين.

                                                                                                                                                                                                                                      (بما وضعت) : من قرأ: (وضعت) ; فهو من قول أم مريم على جهة الندم على امتناع ما نوته من نذرها، ومن قرأ: (وضعت) ; فهو من قول الله عز وجل، على ما تقدم في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 51 ] (وكفلها زكرياء) : من شدد; فهو يتعدى إلى مفعولين، والتقدير: (وكفلها ربها زكريا) ، [ومن خفف ; فهو يتعدى إلى مفعول، والفاعل: (زكرياء) ]والمد والقصر في (زكرياء) لغتان، ولم ينصرف; لاجتماع العجمة والتعريف فيه، ولاجتماع ألف التأنيث فيه على قراءة المد، وليست ياؤه للنسب، ولو كانت كذلك; لم يدخل عليها ألف التأنيث، ومن قال في الكلام: (زكري) ; فهو كـ (قمري) ، وجاز أن تكون الياء فيه للنسب.

                                                                                                                                                                                                                                      (هنالك دعا زكرياء ربه) : العامل في (هنالك)) : (دعا) ، وهو ههنا: ظرف زمان، واللام فيه: لتأكيد التعريف; لأن الأصل في زيادتها التعريف، وكسرها; لالتقاء الساكنين، وكافه للخطاب.

                                                                                                                                                                                                                                      (فنادته الملائكة) : التاء: لتأنيث الجماعة، و (فناداه) : لأن التأنيث غير حقيقي.

                                                                                                                                                                                                                                      (إن الله يبشرك) : من كسر (أن) ; فعلى معنى القول، كأنه قال: قالت له: [ ص: 52 ] إن الله، والفتح على تقدير: نادته بأن الله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية