إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس الآية. قوله تعالى:
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبو عبيدة ابن الجراح: "قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مئة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل، فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر; فقتلوا جميعا في آخر النهار [ ص: 31 ] من ذلك اليوم، وهم الذين ذكر الله عز وجل في هذه الآية".
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) أي: حظا (يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم) الآية.
روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود إلى كتاب الله عز وجل، فقال له نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟ فقال: "على ملة إبراهيم ودينه"، قالا: فإن إبراهيم كان يهوديا، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: "فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم"، فأبيا من ذلك، فنزلت الآية.
وقوله: (وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون) : قال : غرهم قولهم: قتادة (نحن أبناء الله وأحباؤه) [المائدة: 18].
: غرهم قولهم: مجاهد لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون .
(فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه) أي: كيف يكون حالهم إذا جمعناهم؟ (قل اللهم مالك الملك) : الميم في (اللهم) في قول الخليل: بدل من ياء النداء; ولذلك لم تستعمل (اللهم) في الخبر.
[ ص: 32 ] : الأصل: (يا ألله امنا بخير) ، فطرحت حركة الهمزة على ما قبلها، وحذفت الهمزة، وأنشد في اجتماعها مع (يا) : [من الرجز] الفراء
وما عليك أن تقولي كلما
صليت أو سبحت يا اللهما ما
اردد علينا شيخنا مسلما
وقال: إنما تزاد الميم مخففة في (فم) أو (ابنم) .قال غيره: زيدت مشددة في (اللهم) ; لأنها عوض من (يا) ; وهي حرفان، فجعل العوض حرفين.
و (الملك) ههنا: النبوة، عن ، وقيل: الغلبة، وقيل: المال والعبيد. مجاهد
: المعنى: الزجاج العباد وما ملكوه. مالك
وقيل: المعنى: مالك الدنيا والآخرة.
، الحسن : سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يجعل لأمته ملك فارس والروم; فنزلت الآية. وقتادة
وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه بفتح الشام وملك قيصر [ ص: 33 ] فأنكرت اليهود ذلك; فنزلت الآية) . وكسرى،
ومعنى (تؤتي الملك من تشاء) أي: من تشاء أن تؤتيه إياه، وكذلك ما بعده لا بد فيه من تقدير الحذف.
(بيدك الخير) أي: الخير والشر، فحذف، كما قال تعالى: (سرابيل تقيكم الحر) [النحل: 81].
وقيل: خص الخير; لأنه موضع رغبة في فضله.
(تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل) أي: تدخل ما نقص من أحدهما في الآخر، روي معناه عن ، ابن مسعود ، وغيرهما. وابن عباس
(وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي) قيل: الحي من النطفة، والنطفة من الحي، والدجاجة من البيضة، والبيضة من الدجاجة، عن ، ابن مسعود ، وغيرهما. ومجاهد
: المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن. الحسن
عكرمة : النخلة من النواة، والنواة من النخلة، والبيض من الدجاج، والدجاج من البيض. والسدي
(لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) : قال : نهى الله عز وجل المؤمنين أن يلاطفوا الكفار، ومثله: ابن عباس (لا تتخذوا بطانة من دونكم) [آل عمران: 118]، ونظائره، ومعنى (من دون المؤمنين) : من مكان دون مكان المؤمنين; وهو مكان الكفار.
ومعنى (فليس من الله في شيء) : فليس من حزب الله في شيء.
[ ص: 34 ] (إلا أن تتقوا منهم تقاة) : قال : هو أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا يقتل، ولا يأتي مأثما. ابن عباس
: التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة، ولا تقية في القتل. الحسن
وأصل (تقاة) : (وقية) ، قلبت الواو تاء، والياء ألفا.
وروي: أن هذه الآية حين تكلم ببعض ما أراده منه المشركون; عمار بن ياسر خوفا أن يقتلوه، وفي نزلت في حين كتب الكتاب إلى المشركين بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم; ليحفظوه في أهله وماله. حاطب بن أبي بلتعة
(ويحذركم الله نفسه) أي: عقابه.
[عن ، ابن عباس ، وغيرهما: المعنى:يحذركم إياه. والحسن
ولا يحسن أن يقال ابتداء: أعلم ما في نفسي، وإنما ساغ في الآية;لازدواج الكلام.
و (النفس) في اللغة تنصرف إلى معان: نفس الحيوان، وذات الشيء الذي تخبر عنه، والأنفة; كقولهم: (ما لفلان نفس) ، والإرادة; كقولهم: (نفس فلان كذا) أي: إرادته، والعين التي تصيب الإنسان، والنفوس: الذي يصيب الناس [ ص: 35 ] بالعين، والنفس: الغيب، سمي نفسا; لخفائه كخفاء نفس الإنسان، والنفس من الدباغ: بمقدار الدبغة، يقال: أعطني نفسا; أي: قدر ما أدبغ به مرة.
(وإلى الله المصير) أي: وإلى جزاء الله المصير.
(قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض) أي: من يعلم ما في السماوات وما في الأرض لا يخفى عليه ما في أنفسكم.
(يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا) : يجوز أن يكون متصلا بقوله: [(على كل شيء قدير) أي: قدير في ذلك اليوم، ويجوز أن يكون متصلا بقوله]: (ويحذركم الله نفسه) ، [ويجوز أن يكون منقطعا على إضمار (اذكر) ].
(والله رءوف بالعباد) ، أي: في إنذاره إياهم.
(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) : محبة العبد لله تعالى: عمله بطاعته، وانتهاؤه عن معصيته، ومحبة الله العبد: رحمته إياه.
ونزلت هذه الآية - فيما روي- في وفد نجران; إذ زعموا أن ما ادعوه في عيسى عليه السلام حب لله عز وجل، قاله محمد بن جعفر بن الزبير .
، الحسن : نزلت في قوم من أهل الكتاب قالوا: نحن الذين [ ص: 36 ] نحب ربنا. وابن جريج
(إن الله اصطفى آدم ونوحا) أي: اختارهم لدينه; فالتقدير: (اصطفى دينهم) ، فحذف المضاف.
: اختارهم للنبوة على عالم زمانهم. الزجاج
وقال (وآل إبراهيم ) : هم المؤمنون، عن ابن عباس . والحسن
(وآل عمران) : قيل: يعني بهم: آل إبراهيم ، كما قال: (ذرية بعضها من بعض) ، وقيل: المراد: عيسى; لأن أمه بنت عمران.
(ذرية بعضها من بعض) قيل: يعني: في التناصر في الدين، كما قال: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) [التوبة: 17]; يعني: في الضلال، قاله الحسن . وقتادة
وقيل: المراد به: التناسل.