وقوله: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ؛ المعنى: (قول معروف أولى) ، ثم ابتدأ فقال: ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى أي: وفعل مغفرة; يعني: وفعل يؤدي إلى المغفرة، فحذف المضاف.
وقيل: المعنى: التي تمنون بها. ومغفرة الله خير من صدقتكم
والله غني حليم أي: يملك كل شيء، ويحلم بتأخير العقوبة عمن عصاه.
ومعنى لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس أي: [كإبطال الذي ينفق.
ماله رئاء الناس ]: صدقته بالرياء، والمراد به: المنافق; لأن الكافر لا يرائي.
وقيل: المراد به: الكافر الذي ينفق ماله ليقال: إنه كريم.
[ ص: 574 ] كمثل صفوان عليه تراب : (الصفوان) : الحجر الأملس، واحدته: صفوانة.
: جمع {صفوان} : (صفي) ، وأنكره الكسائي وقال: إنما (صفي) جمع: (صفا) ؛ كـ (قفا وقفي) . المبرد،
و(الوابل) : المطر العظيم، الشديد الوقع.
و(الصلد) : الأملس من الحجارة، فالمعنى: تركه لا شيء عليه، وهذا مثل ضربه الله تعالى لنفقة المنافق.
لا يقدرون على شيء مما كسبوا أي: لا يقدرون عليه عند حاجتهم إليه.
وقوله: وتثبيتا من أنفسهم أي: يتثبتون أين يضعونها، : تصديقا ويقينا. الشعبي
و(الربوة) : ما ارتفع من الأرض، عن ابن عباس، : المرتفعة المستوية. مجاهد
فآتت أكلها ضعفين أي: أضعفت في ثمرها.
قال : هذا مثل ضربه الله تعالى لعمل المؤمن; يقول: ليس لخيره خلف، كما ليس لخير هذه الجنة خلف، أصابها وابل أو طل. قتادة
و(الطل) : الندى في قول وقيل: المطر الدائم الصغير، ومعنى {فطل} : أي: فالطل يكفيها. مجاهد،
قوله: أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب الآية.
[ ص: 575 ] قال رضي الله عنه: هذا الرجل كان يعمل بطاعة الله فبعث الله إليه الشيطان، فعمل بالمعاصي، وأحرق الأعمال الصالحة. عمر بن الخطاب
: هذا ابن عباس كمثل رجل كانت له جنة، وله أطفال لا ينفعونه، فكبر، وأصاب الجنة إعصار; أي: ريح عاصف فيه نار; أي: سموم شديدة، فاحترقت، ففقدها أحوج ما كان إليها. مثل ضربه الله للمرائين بالأعمال يبطلها يوم القيامة أحوج ما كانوا إليها،
وعطف {وأصابه} على {أيود} على معنى: وقد أصابه.
وقال : الحسن إعصار فيه نار أي: ريح فيها برد شديد.
الريح الشديد التي تمد من الأرض إلى السماء كالعمود، وهي التي يقال لها: الزوبعة، وقيل لها: إعصار; لأنها تلتف التفاف الثوب في العصر. و(الإعصار) في اللغة:
وقوله: أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض قد تقدم في الأحكام.
الشيطان يعدكم الفقر أي: يخوفكم بالفقر; لئلا تنفقوا، ولتخرجوا الرديء من أموالكم في صدقاتكم.
ويأمركم بالفحشاء أي: بمعاصي الله عز وجل.
[ ص: 576 ] والله يعدكم مغفرة منه وفضلا أي: يجازيكم على الصدقات بمغفرة الذنوب والخلف.
واشتقاق {الفقر} من (الفقار) ، فكأن الفقير بمنزلة من كسر فقاره.
يؤتي الحكمة من يشاء : : {الحكمة} : المعرفة بالقرآن; ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله. ابن عباس
: الفهم. قتادة
: القرآن. الضحاك
: المعرفة بدين الله عز وجل، والفقه فيه، والاتباع له. مالك بن أنس
: {الحكمة} : العقل، والفقه، والإصابة في القول. مجاهد
: الخشية. الربيع بن أنس
وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر قال : (النفقة) : الفرض، و(النذر) : التطوع، الزجاج فإن الله يعلمه أي: يجازي عليه.
وقيل: المعنى: ما أنفقتم بغير نذر، أو بنذر عقدتموه على أنفسكم.
: معنى {يعلمه} : يحصيه. مجاهد
[ ص: 577 ] و(الهاء) في {يعلمه} تعود على الإنفاق، أو على النذر.
إن تبدوا الصدقات فنعما هي قال : يعني: التطوع، ابن عباس بسبعين ضعفا، وصدقة التطوع في السر أفضل من العلانية بخمسة وعشرين ضعفا، وعلى هذا القياس تجري جميع الفرائض والنوافل. وصدقة الفريضة في العلانية أفضل من السر
وقيل: المراد بذلك: الفرض والنافلة، وكان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووجب إظهار الفرض اليوم; لأن الناس يسيئون الظن.
وقوله: ويكفر عنكم من سيئاتكم أي: نكفر عنكم منها بقدر صدقاتكم، وقيل: {من} زائدة.