الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 526 ] والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا هذه الآية ناسخة لقوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج .

                                                                                                                                                                                                                                      قالت أم سلمة : كان الرجل إذا توفي وترك زوجة; دخلت حفشا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبا، حتى تمر سنة، ثم تعطى بعرة فترمي بها، فأنزل الله تعالى: متاعا إلى الحول غير إخراج ، فكان للمرأة أن تسكن في بيت زوجها سنة، وإن شاءت خرجت، فاعتدت في بيت أهلها، ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشرا.

                                                                                                                                                                                                                                      إنها منسوخة بآية الميراث بما فرض من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول بالأربعة الأشهر والعشرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العلماء: نسخ من الأربعة الأشهر والعشر: الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها، وإن كان بعد ساعة من موت زوجها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لفظ الآية عام يرد به الخاص، والمعنى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا غير حوامل يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: ليست هذه الآية بناسخة للآية التي فيها وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ، وإنما هو نقصان من الحول، كالنقصان الذي نقص من [ ص: 527 ] صلاة الحضر في السفر، هو نقصان وليس بنسخ.

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب بعض من يرى نسخ القرآن بالسنة إلى أن قوله وصية لأزواجهم منسوخ بقول النبي عليه الصلاة والسلام: «لا وصية لوارث» .

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن ابن عباس، ومجاهد أيضا: أن قوله: وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ثابت لم ينسخ منه شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن ثبتت الرواية بذلك; فالمعنى: أن الله عز وجل أمر أن يوصوا لأزواجهم بسكنى سنة أمر ندب، لا أمر إيجاب، فإن أوصى لها بذلك; لم تخرج إلا أن تشاء الخروج.

                                                                                                                                                                                                                                      فحكم كل آية على هذا القول على جهته، [فحكم الآية الأولى: أنهن أمرن بالتربص أربعة أشهر وعشرا، ليس لهن أن يتزوجن في هذه المدة]، ولا يكون التربص ناسخا للوصية; لأنه في غير معناها، وإنما نسخ الوصية النهي عنها، أو وصية غيرها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {وعشرا} يراد بـ(العشر) : الليالي، ويدخل في ذلك اليوم العاشر; [ ص: 528 ] لأن كل ليلة معها يومها، وذهب الأوزاعي إلى أن العدة تنقضي بانقضاء الليلة العاشرة، دون اليوم العاشر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: وعشر مدد، كل مدة منها يوم وليلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذه عدة الوفاة على كل متوفى عنها زوجها إذا كانت حرة مدخولا بها، أو غير مدخول بها، صغيرة أو كبيرة، سوى الحامل; فإن عدتها تنقضي بوضع حملها، قرب ذلك أو بعد في قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن علي بن أبي طالب، وابن عباس : أن عدتها بانقضاء آخر الأجلين.

                                                                                                                                                                                                                                      وعدة الأمة المتوفى عنها زوجها نصف عدة الحرة في قول سائر العلماء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية