المطلب الخامس عشر
الوصية ببعض منفعة العين، أو منفعة بعض العين
الوصية بمنفعة بعض العين فقط، أو بعض منفعة العين، كالوصية بمنفعة جميع العين، موضع خلاف:
القول الأول: بالنسبة للوصية ببعض غلتها يجب وقفها كلها ، فإذا أوصى بثلث غلة أرضه، أو داره، أو بستانه، أو نصف ذلك، أو ربعه لم يكن للورثة حق في قسمة الأرض أو الدار أو البستان، وتوقف هذه الأعيان كلها مدة الوصية; لتعلق حق الموصى له بغلة العين كلها ، فيجب وقفها، وقسم غلتها ، سواء كانت العين تقبل القسمة كالأرض، أو لا تقبلها كالحيوان، والسفن.
وبالنسبة للموصى له بغلة بعضها هناك فرق بين ما يقبل القسمة، وما لا يقبلها.
فإن كان لا يقبل القسمة أصلا، كالحيوان، أو لا يقبلها إلا بفساد كالسفينة، فإن العين الموصى بمنفعة بعضها يجب وقفها كلها، وقسم غلتها ، فإذا أوصى بغلة ثلث سيارته، أو دابته وقفت هذه الأعيان مدة الوصية.
ويعطى للموصى له نصيبه في الغلة، ولا يعطونه جزء العين يستغله; لتعذر قسمتها بلا ضرر.
واختلف إذا كانت تقبل القسمة دون ضرر، مثل الوصية بغلة ثلث أرضه أو غلة نصف بستانه، فللورثة أن يقاسموا الموصى له، فيعزلوا له نصف البستان، أو ثلث الأرض بحسب وصيته ، تكون له غلته مدة الوصية، سواء [ ص: 127 ] أغل أو لم يغل، ويتصرف الورثة في الباقي، قياسا على الوصية بثلثه ملكا ، وقيل: ليس لهم مقاسمته وتوقف العين كلها ، كالوصية بجزء الغل.
وهو قول المالكية .
القول الثاني: أن من أوصى بثلث غلة بستانه أبدا، ولا مال له غيره، أنه يجوز للورثة أن يقاسموا الموصى له، ثم إذا أغل نصيب الورثة دون نصيب الموصى له، أو العكس فإنه يشاركهم ويشاركونه في الغلة الحاصلة في نصيب بعضهم دون بعض.
واختلفوا إذا كانت الوصية بثلث غلة الدار.
قال « ليس لهم أن يقاسموه خشية تعطل غلتها بالقسم » . أبو حنيفة:
وقال « لهم أن يقاسموا، ويعزلوا له الثلث، فإن أغل فهو ماله، وإن لم يغل فليس له شيء » . أبو يوسف: