المطلب العاشر: الوصية للوارث المحتاج
إذا أوصى للمحتاج من ورثته، كما لو قال: هذا البيت وصية للمحتاج من ورثتي، أو للمحتاج من أولادي، أو للمحتاج من ذريتي.
فتصح هذه الوصية; إذ لم يوص لمعين، بل أوصى للجميع، وعلق ذلك بوصف، وتقدم حكم الوصية لجميع الورثة.
ويدل للصحة:
جاء في الدرر السنية: "وسئل عبد الله أبابطين ... وأما من وقف على المحتاج من ذريته، فلا أرى به بأسا، وكلام العلماء ظاهر في جوازه; فعلى [ ص: 570 ] هذا لو استغنى أولاده لصلبه، وفي أولادهم من هو محتاج، صرف إلى ولد ولده".
وفي فتاوى أبابطين : "وقد تنازع الفقهاء في جواز بيع الوقف إذا تعطلت منافعه، فأجازه وغيره، ومنعه أحمد وغيره. الشافعي
وأما صرف غلة ذلك إلى المحتاج من أولاد الواقف، فقال الأصحاب: يتعين صرف غلة الوقف إلى الجهة المعينة إلا ما فضل عنها، ونص على ذلك الإمام ، ولم يفرق أحمد والأصحاب بين حالة الحاجة وغيرها. أحمد
وقال الشيخ تقي الدين : يجوز ، وإن اختلف ذلك باختلاف الأزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية، واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند. تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح
فعلى اختيار الشيخ -رحمه الله -: يجوز صرف ثمن الأضحية إلى من اشتدت حاجته من ولد الواقف، وذكر عن عبد الرزاق قال: قال رجل ابن جريج لعطاء : رجل جعل ذودا في سبيل الله، قال: أله ذوو قرابة محتاجون؟ قال: نعم. قال: فادفعها إليهم، فكانت هذه فتياه في هذا وأشباهه، والله -سبحانه وتعالى - أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم".
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: "العمل على ما نص عليه الموصي بصرف الفاضل إلى المحتاج من ذريته، فإن لم يكن فيهم محتاج فعلى المحتاج من أقاربه، فإن لم يكن فيهم محتاج صرفه الوكيل فيما يرى من وجوه البر، كتعمير المساجد والصدقة على الفقراء ونحو ذلك".
[ ص: 571 ] وفي فتاوى اللجنة الدائمة: "أما الحاجة التي تبيح لهم الأخذ من غلة الثلث فهي الحاجة التي تبيح لهم أخذ الزكاة لفقر أو غرم".
لعمومات أدلة الوصية; إذ أن هذه الوصية لا ظلم فيها لأحد; لتعلقها بوصف.
ولما رواه : حدثنا الخصاف محمد بن عمر الواقدي ، حدثنا محمد بن نجاد بن موسي بن سعد بن أبي وقاص ، عن عائشة بنت سعد قالت: "صدقة أبي حبس لا تباع ولا توهب ولا تورث، وأن المردودة من ولده أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها..." .
ولما ما علقه بصيغة الجزم: "وتصدق البخاري بدوره، وقال: للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها، فإن استغنت بزوج فليس لها حق" . الزبير
والأولى عدم مثل هذه الوصية; إذ إنها توقع في الخلاف غالبا.
[ ص: 572 ]