الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المطلب الثالث: وصية الحربي، والمستأمن، والمعاهد

        تصح وصية هؤلاء باتفاق الأئمة في الجملة;

        (164) لما روى البخاري ومسلم من طريق نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: "فأوف بنذرك" .

        فإذا صح منه إيجاب الاعتكاف، فكذا الوصية.

        لأن الكفر لا ينافي أهلية التمليك، ولأنه يصح بيعه وهبته، فكذا وصيته.

        فتصح لحربي مثله، سواء كان مستأمنا أو غير مستأمن.

        والحربي: هو الذي بين المسلمين وبين قومه حرب، لا عهد بين المسلمين وبينهم.

        والمعاهد: من بينه وبين المسلمين عهد.

        والمستأمن: من دخل بلاد الإسلام بأمان.

        قال ابن رشد : "وكذلك وصية الكافر تصح عندهم إذا لم يوص بمحرم".

        [ ص: 397 ] وقال الحنفية : إذا أوصى وهو في دار الحرب ثم أسلم أهلها، أو صاروا أهل ذمة صحت وصيته، وتنفذ إذا كانت قائمة العين لم تستهلك، وإن استهلكت لا يقضى بها.

        جاء في الأصل: "فإذا أسلموا أو صاروا ذمة قدرنا على التنفيذ فننفذها ما دام الموصى به قائما، فأما إذا صار مستهلكا أبطلنا الوصية، وألحقناها بالعدم; لأن أهل الحرب إذا أسلموا، أو صاروا ذمة لا يؤاخذون بما استهلك بعضهم على بعض".

        وأطلق المالكية القول بجواز وصية الكافر، ولم يفرقوا بين الحربي والذمي والمستأمن.

        وقال الشافعية : تصح وصيته إذا كان ماله في بلد الإسلام بأمان، ولا تصح إذا كان ماله في بلد الحرب، وبقي فيها، لأنه يتعذر تنفيذها.

        وعند أبي حنيفة : تصح وصيته لغير مسلم، ولو بمحرم، خلافا لجمهور أهل العلم، فلا تصح وصيته بمحرم.

        وتصح لمسلم ما لم يوص بما يحرم الانتفاع به كالخمر.

        وحجته: أن المحرم لا يجوز للمسلم.

        وإذا أوصى حال وجوده في بلاد الإسلام، فإن وصيته يتبع بها ما هو معلوم به عندهم.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية