المسألة الثانية: حكم هبة الأب لبعض أولاده من حيث الصحة
القائلون بجواز تخصيص أو تفضيل بعض الأولاد بالهبة يرون صحة هذه الهبة.
وأما المانعون من تخصيص أو تفضيل الأب بعض الأولاد بالهبة، فاختلفوا في حكم صحة هذه الهبة على قولين:
القول الأول: أن الهبة صحيحة.
وهو قول الشافعية، والمذهب عند الحنابلة، واختاره ابن تيمية.
وحجته:
1 - حديث وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: النعمان بن بشير، والارتجاع فرع عن الصحة. "فارتجعه"،
2 - أن ما أعطاه الأب لأحد أولاده هبة استوفت شروطها وأركانها، فكانت صحيحة، والنهي وارد على أمر خارج عن الأركان والشروط.
[ ص: 485 ] ونوقش هذا الاستدلال: بأن ما ذكر به لولا النص الوارد في هذه المسألة وهو أمره صلى الله عليه وسلم مسلم لبشير رضي الله عنه برد ما وهبه رضي الله عنهما، فلو كانت الهبة صحيحة لما أمره بذلك. للنعمان
وأجيب عنه: بما تقدم.
القول الثاني: أن الهبة باطلة.
وبه قال بعض المالكية، والظاهرية، ورواية عند الحنابلة.
وحجتهم:
حديث رضي الله عنهما، وفيه قوله: النعمان بن بشير والارتجاع يقتضي بطلان الهبة. "فارتجعه".
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الارتجاع لا يلزم منه البطلان، كالارتجاع في السلعة المبيعة، أو المدلسة لا يلزم منه بطلان البيع، وإنما لأجل العدل بين الأولاد.
الترجيح:
لعل الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن الأب إذا حابى بعض أولاده في الهبة، ولم يسو بين البقية، أو يرجع في هبة المفضلين فإن الهبة صحيحة; وذلك لوجاهة ما استدلوا به.
[ ص: 486 ]