الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المطلب الرابع

        حكم تعييب العين الموقوفة إذا خيف عليها الغصب

        يجوز تعييب مال الوقف إذا خيف عليه الغصب، كهدم بعض الدار، وقلع بعض الأشجار، وتعطيل المركب، أخذا من قصة الخضر عليه السلام - في خرقه سفينة المساكين ، وذلك في قوله تعالى : فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا إلى قوله : أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا

        وقد أخذ كثير من المفسرين من هذه الآية دليلا على أنه يجوز لولي المال أن ينقصه أو يعيبه عند الخوف عليه، قال القرطبي رحمه الله : "في خرق السفينة دليل على أن للولي أن ينقص مال اليتيم إذا رآه صلاحا، مثل أن يخاف على ريعه ظالما فيخرب بعضه".

        بل جعلها الشيخ ابن سعدي قاعدة عامة في تعييب مال الغير، أو إتلاف بعضه إذا خيف عليه الفساد، ولو لم يكن المتلف وليا على المال إذا كان [ ص: 211 ] على وجه المصلحة وإزالة المفسدة أنه يجوز ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير، كما خرق الخضر السفينة لتعيب فتسلم من غصب الملك الظالم.

        فإذا جاز للأجنبي ذلك فلأن يجوز لولي الوقف من باب أولى حفظا للعين الموقوفة ورعاية لحق الله وحق مستحقي الريع.

        فعلى هذا لو وقع بمال الوقف حريق أو غرق أو نحوهما، وكان في إتلاف بعضه أو هدم جزء منه سلامة لباقيه جاز للمسلم، بل شرع له ذلك حفظا لمال الوقف أخذا من إجازتهم ذلك في عموم أملاك المسلمين، والله أعلم .

        ويدل لهذا أيضا قوله تعالى : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن .

        وتعييب بعض مال اليتيم ليسلم كله قربان له بالتي هي أحسن، وكذلك مال الوقف . [ ص: 212 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية