الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المطلب الثالث جهة عمارة الوقف

        وفيه مسائل:

        المسألة الأولى: أن تكون العمارة معينة من جهة الواقف:

        إذا كانت عمارة الوقف معينة من جهة الواقف كوقف آخر، أو غلة [ ص: 353 ] الوقف، أو مال الواقف أو الموقوف عليه، فاختلف العلماء في تعيين تلك الجهة على قولين:

        القول الأول : أنها تتعين تلك الجهة ، فإن لم يعين جهة فمن غلته .

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        القول الثاني: أنه إذا كانت الجهة الموقوف عليه بطل التعيين، وتعينت الغلة.

        وهو الأصح عند المالكية.

        القول الثالث: أن تعيين الجهة يبطل مطلقا، ولو كان الغلة.

        وبه قال بعض المالكية.

        الأدلة:

        أدلة الجمهور:

        استدل لهذا الرأي بما يلي:

        1 - ما تقدم من الأدلة على وجوب العمل بشرط الواقف.

        (243) 2 - ما رواه أحمد قال: حدثنا يحيى، عن ابن أبي ذئب قال : حدثني مخلد بن خفاف بن إيماء ، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الخراج بالضمان» .

        [ ص: 354 ] [ ص: 355 ] فمن له غلة شيء فعليه ضمانه، فصح اشتراط العمارة عليه.

        قال ابن قدامة: «لأنه لما تبع شرطه في مصرفه وجب اتباعه في نفقته» .

        3 - أنه إذا لم يعين جهة فمن الغلة; لأن الوقف اقتضى تحبيس أصله، وتسبيل نفعه، ولا يحصل ذلك إلا بالإنفاق عليه، فهو من ضرورته، وكذلك عمارة الوقف قيسا على نفقته.

        ودليل المالكية: أنه لا يعمل بشرط إصلاحه على مستحقه; لأنه كراء مجهول، فالبطلان منصب على الشرط لا الوقف.

        ونوقش من وجهين:

        الوجه الأول: أنه لا يسلم أنه إجارة بل استيفاء، واستثناء من الغلة.

        الثاني : أن عقود التبرعات أوسع من عقود المعاوضات، فلا يطلب فيها من التحرير والضبط ما يطلب في عقود المعاوضات.

        ودليل القول الثالث: أن اشتراط كون العمارة من الغلة بمثابة اشتراط كون الإصلاح على الموقوف عليه، ويحاسب به من الغلة.

        ونوقش: بأن العمارة من غلتها وإن لم يشترط الواقف ذلك فاشتراطه لم يزد شيئا.

        [ ص: 356 ] الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم ; لقوة دليله، وضعف دليل المخالف بمناقشته .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية