المبحث الخامس عشر: مصرف الوقف إذا كان في سبيل الله
إذا قال: هذه الوصية تصرف في سبيل الله: اتفق الفقهاء على أن الغزاة ممن يشملهم مصرف سبيل الله.
واختلفوا فيما عدا ذلك على أقوال عدة:
القول الأول: المراد بالمصرف في سبيل الله هو الغزو.
وهو قول من الحنفية، ومذهب المالكية، والشافعية، ورواية عند الحنابلة، رجحها ابن قدامة. أبي يوسف
القول الثاني: المراد بمصرف سبيل الله هو الغزو والحج والعمرة.
وهو قول من الحنفية، ومذهب الحنابلة. محمد بن الحسن
القول الثالث: المراد بمصرف سبيل الله جميع القرب والطاعات.
وهو منسوب لبعض الفقهاء، وقال به بعض المعاصرين. [ ص: 265 ] القول الرابع: المراد بذلك المصالح العامة.
وهو قول بعض المعاصرين.
القول الخامس: المراد بذلك الجهاد بمعناه العام (جهاد اليد والمال واللسان) فيشمل ذلك القتال في سبيل الله، والدعوة إلى الله، وهو ما صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي، والندوة الأولى لقضايا الزكاة المعاصرة.
الأدلة:
أدلة القول الأول:
1 - قوله تعالى: وفي سبيل الله أن المراد من سبيل الله عند الإطلاق هو الغزو، وأكثر ما جاء في القرآن هو من ذلك.
ونوقش: بعدم التسليم; فالواجب عند عدم النقل الشرعي الأخذ بالمعنى اللغوي، وهو يدل على العموم.
(232) 2 - ما رواه من طريق أبو داود عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي سعيد الخدري . «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه بها فأهدى منها لغني»
[الصواب مرسل، قاله وغيره]. [ ص: 266 ] [ ص: 267 ] وجه الدلالة: أنه ذكر منهم الغازي، وليس في الأصناف الثمانية من يعطى باسم الغزاة إلا الذين نعطيهم من سهم سبيل الله تعالى. الدارقطني
ونوقش: بأن غاية ما يدل عليه أن المجاهد يعطى من سهم سبيل الله ولو كان غنيا، وسبل الله كثيرة لا تنحصر في الجهاد في سبيل الله.