استدل القائلون بصرفه في المصالح بأنه مال لا مستحق له، فأشبه مال من لا وارث له، فيصرف في المصالح. دليل القائلين بصرفه في المصالح: الوقف المنقطع الآخر
دليل القائلين برجوع الوقف إلى ورثة الموقوف عليه: يستدل للقول برجوع الوقف إلى ورثة الموقوف عليه بأن المال الموقوف ملك للموقوف عليه، فإذا انقرض صرف لورثته من بعده.
ونوقش: بأن هذا غير مسلم، فملكية العين ليست للموقوف عليه، بل هي لله، كما سبق تحريره.
دليل من قال: بأن الوقف منقطع الآخر يصرف لمستحقي الزكاة:
قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والوقف صدقة، فيصرف للفقراء والمساكين.
ونوقش: بأن الألف واللام في الآية للعهد، فيحمل على الصدقة المعهودة، وهي الصدقة الواجبة الزكاة.
[ ص: 150 ] الترجيح:
بعد هذا العرض يظهر لي - والله أعلم - أن القول الأول القائل بصرف ريع الوقف للفقراء من أقارب الواقف، فإن لم يكن فعلى المصالح هو القول الراجح; وذلك أن المقصود بالوقف الثواب الجاري على الواقف على وجه الدوام، فيجب علينا مراعاة جانب الواقف في صرف وقفه في أفضل القربات، ويتعين اعتبار الحاجة والمصلحة; لأن سد الحاجات والقيام بالمصالح أهم الخيرات، فإذا كان من أقاربه من هو من أهل الحاجة تعين تقديمه; لأن أقارب الشخص أولى الناس بزكاته وصلاته; لما سبق من الأحاديث، ثم على المصالح إذا لم نجد مصرفا من جهة شرط الواقف ولا من جهة إرادته وغرضه، ومن المصالح صرفها على العلم، وما يتعلق بنشره، والله أعلم.
[ ص: 151 ]