المبحث الثالث: مصرف الوقف المنقطع الآخر
وفيه مطلبان:
المطلب الأول حكم الوقف المنقطع الآخر
اختلف الفقهاء - رحمهم الله - في صحة الوقف المنقطع الآخر على قولين:
القول الأول: صحة الوقف المنقطع الآخر.
وهو قول جمهور أهل العلم: المالكية، والشافعية والحنابلة.
جاء في الفواكه الدواني: «الوقف يتنوع إلى خمسة أنواع: منقطع الأول، منقطع الآخر...والثاني: كالوقف على أولاده ثم على معصية...والظاهر من مذهبنا أنه يبطل فيما لا يجوز الوقف عليه، ويصح إذا أمكن الوصول إليه، ولا يضر الانقطاع; لأن الوقف نوع من التمليك في المنافع أو الأعيان، فجاز أن يعم أو يخص كالعواري والهبات والوصايا» .
وجاء في مغني المحتاج: «(ولو قال: وقفت على أولادي أو على زيد ثم نسله) ونحوه مما لا يدوم (ولم يزد) على ذلك من يصرف إليه بعدهم [ ص: 142 ] (فالأظهر صحة الوقف) ; لأن مقصود الوقف القربة والدوام، وإذا بين مصرفه ابتداء سهل إدامته على سبيل الخير ويسمى منقطع الآخر، والثاني بطلانه لانقطاعه» .
وجاء في كشاف القناع: «(ويصرف منقطع الآخر كما لو وقف على جهة تنقطع) كأولاده (ولم يذكر له مآلا) إلى ورثة الواقف نسبة بعد من عينهم (أو) وقف (على من يجوز) الوقف عليه كأولاده (ثم على من لا يجوز) أي: يصح الوقف عليه ككنيسة، فيصرف إلى ورثة الواقف نسبة بعد من يجوز الوقف عليه» .
القول الثاني: عدم صحة الوقف المنقطع الآخر.
وهو الأرجح عند الحنفية، وهو قول في مذهب الشافعية.
الأدلة:
أدلة القول الأول استدل القائلون بصحة الوقف المنقطع الآخر بالأدلة التالية:
1 - أدلة الوقف، وهذه تشمل الوقف منقطع الآخر.
2 - الأدلة الدالة على لزوم الوقف، وعدم الرجوع فيه.
3 - القياس على الهبة والوصية بجامع التبرع، فلا يشترط فيها الاتصال. [ ص: 143 ] 1 - أن منقطع الآخر وقف معلوم المصرف في الجملة فصح، كما لو كان متصل الانتهاء.