الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        وعليه تغيير شرط الواقف ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

        القسم الأول: تغييره من أعلى إلى أدنى:

        فهذا محرم ولا يجوز بالاتفاق، لما تقدم من الدليل على وجوب العمل بشرط الواقف.

        مثل: أن يقفه على فقراء أقاربه، فيصرف إلى فقراء الأجانب، ونحو ذلك.

        [ ص: 91 ] القسم الثاني: تغييره من مساو إلى مساو:

        وهذا أيضا محرم ولا يجوز بالاتفاق، إذ الأصل: وجوب العمل بشرط الواقف; لما تقدم من الدليل على ذلك.

        مثل: أن يقف على فقراء بلد، فيصرفه إلى فقراء بلد آخر، ونحو ذلك.

        القسم الثالث: تغييره من أدنى إلى أعلى:

        مثل: أن يقفه على العباد، فيصرفه إلى العلماء; إذ العلم عبادة متعدية، بخلاف مجرد التعبد بالصلاة أو الاعتكاف ونحو ذلك، قال شيخ الإسلام: حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية، واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند» .

        فاختلف العلماء في حكم ذلك على قولين:

        القول الأول: جواز ذلك:

        وهو قول الحنفية في بعض المواضع، حيث أجاز الحنفية مخالفة شرط الواقف في سبعة مواضع، كثير منها يدور على المصلحة.

        وبه قال جمع من المالكية، وبعض الشافعية، وهو قول في مذهب الحنابلة، وهو قياس اختيار شيخ الإسلام في إبدال الوقف عند ظهور المصلحة.

        [ ص: 92 ] جاء في البحر الرائق: «والحاصل أن تصرف الواقف في الأوقاف مقيد بالمصلحة، لا أنه يتصرف كيف شاء، فلو فعل ما يخالف شرط الواقف فإنه لا يصح إلا لمصلحة ظاهرة» ، وتغيير شرط الواقف من أدنى إلى أعلى مصلحة ظاهرة.

        قال ابن نجيم: «لو شرط الواقف أن القاضي لا يعزل الناظر على الوقف، فله عزل غير الأهل، أو شرط أن لا يؤجر وقفه أكثر من سنة، والناس لا يرغبون في استئجاره سنة، أو كان في الزيادة نفع للفقراء فللقاضي المخالفة دون الناظر، أو شرط أن يتصدق بفاضل الغلة على من يسأل في مسجد كذا كل يوم لم يراع شرطه، وللناظر التصدق على سائلي غير ذلك المسجد أو خارج المسجد أو على من يسأل، أو شرط للمستحقين خبزا أو لحما معينا كل يوم فللناظر أن يدفع القيمة من النقد، وقيل: بل لهم طلب العين أو أخذ القيمة، وفي المنتقى أنه الراجح، أو شرط الواقف عدم الاستبدال فللقاضي الاستبدال إذا كان أصلح، وتجوز الزيادة من القاضي على ما عين للإمام إذا كان لا يكفيه ، وكان عالما تقيا» .

        وجاء في الفواكه الدواني: «ويجوز عندنا لناظر أن يفعل في الوقف كل ما كان قريبا لغرضه، وإن خالف شرطه كما لو وقف ماء على الغسل والوضوء، فيجوز للناظر أن يمكن العطشان يشرب منه; لأنه لو كان حيا لما منع منه...» فيؤخذ من هذا أنه يجوز تغيير شرط الواقف من أدنى إلى أعلى; لأنه يحقق غرض الواقف وزيادة.

        قال العيدروسي من المالكية: «يجوز أن يحدث في الحبس ما يغلب على [ ص: 93 ] الظن أن لو كان المحبس حيا وعرض عليه ذلك لرضيه، واستحسنه» ، وفي هذا مراعاة شرط الواقف.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية