الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المبحث الرابع: الوصية بالإجارة

        مثال ذلك:

        أن يوصي بإجارة داره لفلان لمدة سنة مثلا، وقد اختلف العلماء فيها -رحمهم الله تعالى- على قولين للمالكية:

        القول الأول: أنه إذا كان الموصى بكرائه لا تحمل رقبته ثلث الميت كدار لا يملك غيرها، فإن الورثة يخيرون بين ثلاثة أمور:

        الأول: أن يحطوا له من الكراء ثلثه.

        الثاني: أن يكروها له بالثمن الذي يريد ولو كان قليلا.

        الثالث: أن يعطوه ثلث الموصى بكرائه يملكه.

        وحجته: أن الوصية المبهمة ترد إلى الثلث; لأنه أصل الوصايا.

        وإن كان الثلث يحمل الموصى بكرائه، فإن الورثة يلزمهم كراؤها له بتخفيض ثلث الكراء، فإن لم يقبل إلا بأقل من ذلك خيروا بين أمرين:

        الأول: أن يكروها له بما بذل من الكراء.

        الثاني: أن يعطوه ثلث الموصى بكرائه طيلة المدة المحددة في الوصية مجانا.

        وفي حالة تسمية ثمن الإجارة يلزم الورثة تنفيذ الوصية والكراء للموصى له بالثمن المحدد إذا لم تكن محاباة، أو كانت وحملها الثلث.

        [ ص: 220 ] فإن كانت هناك محاباة لا يحملها الثلث، فالورثة بالخيار: إما أن يجيزوا الوصية، وإما أن يعطوا الموصى له ثلث التركة كلها ملكا مجانا.

        القول الثاني: يجب تنفيذ الوصية إذا لم تكن محاباة في الثمن، أو كان الثلث يحمل المحاباة; فإن كان الثلث لا يحمل المحاباة خير الورثة إما أن يجيزوا الوصية، وإما أن يخير الموصى له في دفع الفرق ورفع الإجارة إلى تمام الثلثين; فإن فعل لزمهم الكراء له، وإن أبى بطلت الوصية، ولا شيء له في الأرض لا ملكا ولا استغلالا.

        والمعتبر عندهم في كون المحاباة يحملها الثلث أو لا يحملها هو مجموع الكراء طيلة مدة الإجارة، فإذا أوصى بإجارة أرضه عشر سنين في كل سنة بألف، وكانت أجرة المثل ألفا وخمسمائة، فإن المحاباة خمسمائة مضروبة في عشرة تساوي خمسة آلاف، فإن حملها الثلث أو زادت عليه زيادة يسيرة نفذت الوصية، وإلا وقفت على إجازة الورثة على التفصيل السابق.

        [ ص: 221 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية