الأدلة:
أدلة الحنابلة:
استدل الحنابلة على مشروعية بما يلي: قضاء الاعتكاف الواجب عن الميت
[ ص: 167 ] 1- حديث -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عائشة «من مات وعليه صيام صام عنه وليه».
فيلحق الاعتكاف بالصيام، فإنه أشبه به من الصلاة.
ونوقش الاستدلال بهذا الحديث من وجوه، وتقدم الجواب عليها.
2- حديث -رضي الله عنهما- ابن عباس -رضي الله عنه- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اقضه عنها». سعد بن عبادة أن
ولا يخلو إما أن يكون سعد سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نذر كان على أمه، وأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- على مقتضى هذا السؤال ولم يستفصله، فكأنه قال: إذا كان عليها نذر فاقضه عنها; لأن السؤال كالمعاد في الجواب، وهذا عام مطلق في جميع النذور.
أو يكون سأله عن نذر معين من صوم ونحوه، فيكون اختيار أنه أمره أن يقضي عنها النذر، ولم يعين ابن عباس أي نذر هو، دليل على أنه فهم أن مناط الحكم عموم كونه نذرا، لا خصوص ذلك المنذور، وأن كل النذور مستوية في هذا الحكم، ابن عباس أعلم بمراد النبي -صلى الله عليه وسلم- ومقصوده. وابن عباس
3- حديث -رضي الله عنهما- قال: ابن عباس «جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى».
فقوله -صلى الله عليه وسلم-: يشمل نذر الاعتكاف. «فدين الله أحق أن يقضى»
[ ص: 168 ] والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
4- حديث رضي الله عنهما: ابن عباس «أن امرأة جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين ألست قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فاقضوا الله، فالله أحق بالوفاء».
فقوله -صلى الله عليه وسلم-: فبين النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن هذا دين من الديون، وأن الله أحق أن يوفى دينه، وأحق أن يقبل الوفاء، وهذه علة تعم جميع الديون الثابتة في الذمة لله. «فالله أحق بالوفاء»
(305) 5- ما رواه من طريق أحمد حجاج، عن عن أبيه، عن جده عمرو بن شعيب، العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وأن هشام بن العاصي نحر حصته خمسين بدنة، وأن سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: «أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك». عمرا أن
(306) 6- ما رواه عن ابن أبي شيبة إبراهيم بن المهاجر، عن عامر بن مصعب أن رضي الله عنها: «اعتكفت عن أخيها بعدما مات». عائشة
[ ص: 169 ] ونوقش: بضعفه; لضعف عامر، وإبراهيم بن مهاجر.
(307) 7- ما رواه من طريق ابن أبي شيبة عون بن عبد الله بن عتبة «أن امرأة نذرت أن تعتكف عشرة أيام فماتت ولم تعتكف، فقال اعتكف عن أمك». ابن عباس:
أدلة الرأي الثاني:
استدل الجمهور على عدم مشروعية الاعتكاف عن الميت بما يلي:
1- قوله تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى فدل على أن سعي غيره لا ينتفع به.
قال شيخ الإسلام: «وأما الآية فللناس عنها أجوبة متعددة، كما قيل: إنها تختص بشرع من قبلنا، وقيل: إنها مخصوصة، وقيل: إنها منسوخة، وقيل: إنها تنال السعي مباشرة وسببا، والإيمان من سعيه الذي تسبب فيه، ولا يحتاج إلى شيء من ذلك، بل ظاهر الآية حق لا يخالف بقية النصوص، فإنه قال: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وهذا حق، فإنه إنما يستحق سعيه، فهو الذي يملكه ويستحقه، كما أنه إنما يملك من المكاسب ما اكتسبه هو، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له، لكن هذا لا يمنع أن ينتفع بسعي غيره كما ينتفع الرجل بكسب غيره».
[ ص: 170 ] 2- حديث -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أبي هريرة «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به من بعده».
فأخبر -صلى الله عليه وسلم-: أنه إنما ينتفع بما عمله في الحياة، وما لم يكن عمله فهو منقطع عنه.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: انقطع عمله، ولم يقل: انقطع انتفاعه، فإذا اعتكف وليه عنه انتفع بذلك، وبرأت ذمته.
3- قول -رضي الله عنهما-: «لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد». ابن عمر
4- قول -رضي الله عنهما-: «لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد». ابن عباس
ونوقش هذان الأثران: بأنهما مخالفان لما ورد عنهما من قضاء صيام النذر عن الميت، وكذا الصلاة.
5- قول -رضي الله عنها-: عائشة «لا تصوموا عن موتاكم، وأطعموا عنهم».
[ ص: 171 ] ونوقش: بأنه ضعيف جدا.